الخميس، 18 مارس 2010

الأربعاء الراقص

بعد الأحداث المؤسفة الآخيرة التى حدثت فى القدس. كأى مسلم غيور على دينه، غلى الدم فى عروقى و تعجبت لضعفنا و ذلنا. فما يقرب من المليار و النصف مليار مسلم فى العالم وقفنا جميعا نشاهد ما يحدث صامتين مستكينين و للأسف مهزومين. و ما زاد الموقف هراءا و سفالة، افتتاح المعبد اليهودى ابن ميمون بالقاهرة، فى نفس توقيت افتتاح كنيس الخراب تقريبا. و كأنه أسبوع الانتصارات اليهودية فى بلاد المسلمين. قمت بإرسال رسالة لطلبة دفعتى و رؤساء "الجروبات" المتعلقة بجامعتى "جامعة ٦ أكتوبر" الغراء، أدعوهم فيها لجعل يوم الأربعاء ١٧ مارس، يوم حداد على ما يجرى فى أقصانا الحبيب مرتدين زيا أسودا و الشال الفلسطينى و أطلقت عليه "الأربعاء الصامت". و كان هدفى هو تجديد مشاعرنا و ايقاظ فكرة الانتفاضة فى نفوسنا. و توقعت فى نفسى أن جامعتى على وجه الخصوص أفضل مكان لترويج الفكرة، بما أنها تضم أغلب الجنسيات العربية و المسلمة.

جاء يوم الأربعاء و ذهبت للجامعة مرتديا ما تم الاتفاق عليه، و حينما وصلت وجدت جمعا من الناس مرتدين الزى نفسه ، فاستبشرت حقيقة خيرا، و توقعت أنه سيحدث شيئا. ما هى الا بضع ساعات و انطلقنا بعد اليوم الدراسى الى ساحة الحرم الجامعى، والأفكار فى مخيلتى لم تتوقف للحظة.

وفجأة،،،،،
و بدون أى مقدمات رأيت ما أوقفنى متمسمرا فى مكانى، لقد قررت جامعتنا الغراء أن تجعل اليوم، "يوم احتفال الجاليات" ، حيث يقوم طلاب كل دولة بعمل خيمة لهم تضم أهم عادات و تقاليد هذه الدولة (من رقص و غناء و فقط) - لعلك توقعت شيئا آخر- و كأن القائمين على الجامعة و طلابها و وافديها، لم يهيبهم الله نعمة المشاعر و الأحاسيس، و كأن ما يجرى فى عروقهم ثلجا و ليس ماءا-( فالماء و الدماء قابلين للغليان).

تمالكت نفسى، و قررت أن أسير وسط الحشود لأدعو للقيام بوقفة احتجاجية، وكلما أتكلم مع أحد رحب بالفكرة و لكن ما هى الا ثوانى و أعرض عنها. بعد حوالى ساعة وقفت فى مكان التجمع و الحق يقال لقد تجمع بعد كل تلك المعاناة ١١ فرد، و الغريب أنهم كانوا ١٠ مصريين و فلسطينى واحد. و للأسف لم نستطع لفت الانتباه فلم تكن معنا شارة أو علم و لم نكن الا كغرقى فى بحر مظلم.

التفت خلفى فوجدت أمام الخيمة الفلسطينية تجمع، و واحد محمول على الأكتاف و أصوات تعلو و أياد مرفوعة فى الهواء، و الحشد فى تزايد. لمعت عيناى و دق قلبى طربا من جديد و بدأت التقط أنفاسى، و انطلقت نحوهم و أقدامى يكادا يحملانى للطيران، فقد نبتت الفكرة و كبرت ،، وا فرحتاه ، وا نشوتاه ، حمدا لله لقد فاقوا من غفلتهم.

و لكن ما أن وصلت عندهم حتى وجدتهم اجتمعوا جميعا على غرس أنيابهم و مخالبهم فى جسدى، لقد وجدتهم يغنون و يرقصون، و هذا المحمول على أكتاف يغنى والجمع يرد عليه، و تلك الأيادى التى ارتفعت ما ارتفعت لتهتف و لكنها ارتفعت لتصفق، وا أسفااااااااه ، وا مصيبتااااااه،، وا شباباااه..

ارتفع ضغطى حتى بدأت أشعر أنى سأصاب بنزيف داخلى فى أى لحظة، فقررت أن أنصرف بعد أن حولوا يوم "الأربعاء الصامت" الى "الأربعاء الرقص"..

و أنا فى الطريق لسيارتى ، بدأت أفكر فى كل ما حدث اليوم و خلصت بأن توصلت للأفكار التالية:

١- لقد نجح رجال أمن الدولة فى إخماد روح الشباب الفلسطينى و تقييد عزيمتهم، حيث تحدث معى شاب فلسطينى و كان هو رئيس الخيمة الفلسطينية، فقال لى أنه جاءه واحدا من أمن الدولة و حذره من قيام أى مظاهرات و الا سيتم ترحيلهم فورا.
لك الحق أن تتعجب فيما سأقوله، لقد شعرت بالأمان، نعم الأمان ، فنجاح أمن الدولة اليوم أظهر لى أن لهم أيادى فى كل مكان و لا يفوتهم شئ ، أليس هذا دورهم أن يحمونا من أى أجنبى ؟؟؟؟

٢- لن يعيد الأقصى سوى المصريين و أسف لعدم قولى المسلمين، لأننى ما رأيت اليوم من عزيمة فى نفوس هؤلاء الشباب المصرى أعنى لى الكثير، و أرجوك لا تقول أن هؤلاء الشباب فقط هتيفة أو مدمنوا شغب و صياح، لا، و لكن هؤلاء الشباب مازالوا يحملون هم الأقصى و مازالت الفكرة حية بداخلهم. و لعلك رأيت أن طلاب جامعة القاهرة هم الوحيدون الذين لم يهدأوا و لم يتوقفوا عن المظاهرات منذ يوم السبت الماضى دونا عن باقى الشعوب العربية و الاسلامية الأخرى .

٣- ايانا أن نعتمد يوم تحريرنا للأقصى ان شاء الله على أى أحد سوى أنفسنا (نحن المصريين) و أهل البلد من الفلسطينين، و لعل هذا هو الطبيعى تاريخيا، فعندما حرر صلاح الدين الأقصى حرره بجيشه فقط و لم يعتمد على امدادات عربية، و لكن فى ١٩٤٨ عندما اجتمعنا نحن العرب لتحرير فلسطين حدث ما يعلمه الكل من خيانات تبعها انهزام....

هناك تعليقان (2):