الاثنين، 29 مارس 2010

الانهيار المبشر

بعد أن هدأت الأنام و سكنت الشوارع الزحام ، ولم يبقى سوى السهارة و الهمسات الممتلئة بالحديث عن الأيام . نزلت من بيتى لأتجول فى شوارع قاهرة المعز سيرا فى ذلك الظلام الدامس.

كنت يومها مهموما جدا ، و كدت من ضيقى أن أنفجر ، ما لهذه البلد لا تفيق من كبوتها؟ ، لماذا نتدهور صامتين ؟ ، لماذا نعود الى الوراء راضين ؟، لماذا تهان كرامتنا قابلين؟ ، لماذا ننظر الى المستقبل خائفين ؟، و لماذا ننظر الى ماضينا بكل ذلك الحنين ؟، لماذا نسير أمواتا و نحن مازلنا صاحين ؟، لماذا أرانا كقوم موسى فى ذلهم و أصبحنا لرسول منتظرين ؟، لماذا تأسين علينا يا مصرنا و نحن بك فخورين؟ ، أنهون عليك و ما لنا سواك ؟، لماذا تتركين شبابك يفقدون أرواحهم على ضفاف الشواطئ هاربون ؟، و لماذا لا تحافظين على بناتك من بغاء هن له كارهون ؟، و لكن ما قربوه الا حفاظا على اخوانهن المساكين، لماذا تتركى أبنائك ينهشون فى لحم بعضهم البعض جاشعون ؟، على فتات مال ما هم له فى قبورهم بآخذين . و ما بك لا تأسى على غربة أباء لأبنائهم تاركين ؟، و وقفتى تنظرى بلا حياء على علاقة أبوة أصبحت عطف بمال على يتيم .

أخذت كل تلك الأسئلة تدور فى ذهنى و وجدت قدماى قد أخذانى الى أكثر منطقة أعشقها ، وسط البلد ، لأمشى فى شوارعها الواسعة الخالية المرشوشة بالمياه ، لأرى محالها المغلقة ، و أعمدة النور التى هى خير شاهد على أزمان ولّت و أزمان آتية. و كأن مصر تتجسد و تكلمنى وحدى و تثبت لى فى كل خطوة أنها ما زالت جميلة ، و لكن نحن من نعيبها . رأيت
المعمار الانجليزى و الايطالى يقفان شامخان يثبتان لى أننا أكبر عيب و وصمة عار على جبين تلك الشابة النقية " مصر ".
لقد قدروها حق تقديرها و خططوها و جملوها و ما كانت ملكهم و نحن من نملكها فعلنا فيها هكذا.

وجدتنى أقف أمام قصر عابدين لينظر لى هو الآخر بنظرة المليم ، و ينطق بكل عزة أنا تركى الأصل أنا مسكن السلاطين ، فماذا بنيتم أنتم يا مصريون ؟. نعم قلها و لا تخف ، بنينا العشوائيات و بنينا أكبر جراج للسيارات و أطلقنا عليه "المهندسين" ، نحن الذين جعلنا تحت كل كوبرى مرحاض عام ، و نحن من لم نخاف من حديث رسول الله حين قال " احذروا الملاعين ".

و لكن بعد كل هذا الفساد ، و بعد أن اقتربنا من الانهيار التام . فرحت ، نعم فرحت ألا يأتى بعد الليل فجرا. إنها سنة الله فى الأرض أن نفيق و نستعيد مجدنا بعد أن نندهس بأخطائنا. و لكننى خفت ، خفت ألا أكون ممن سيبنونها ثانية ، خفت أن أكون حجزت مكانى فى صفوف من سيلعنهم الأجيال القادمة ، ألا تلعن الآن أخراهم أولاهم ؟؟ ، و سدلت دمعة من عينى أغرقتنى فى بحر آخر من الهموم ، ماذا أفعل حتى أفيق هذا الجيل لنكون نحن أول المصلحين ؟؟

أنا أريد أن أكون من المصلحين ،، أأنت معى أم ستتركنى أنتظر وحدى إن شاء الله الآتيين ؟؟؟!!!!

عبدالله شلبى
٢٠١٠/٣/٣٠
١٢:٣٧ ص

هناك 6 تعليقات:

  1. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    كيف حالك يا عبد الله ...؟؟

    أمّا هذا النصّ يا اخي فقد أعجبني بشدّه, وهذا ما قصدته بقولي لك : استعمل الفاظا أقوى .

    فالألفاظ هاهنا جميلة بل رائعة , ولها وقع رنّان مذهل ,وأنا لن أناقشك أبدا في موضوع النّص,فأظنّ بأنّك أحسنت الاختيار,فالانسان يا عبد الله يكتب أفضل ما لديه بأجمل أسلوب ممكن عندما يكون الكلام خارجا من القلب مملوءا بالمشاعر الجيّاشه, وفي هكذا موضوع فأنا أواسيك أخي وأقول لك على لسان الشاعر : (اذا امتدّ في الأفق ليل الأسى ـ ـ ـ فقد اذن الفجر أن يظهرا).

    ولنتحدث الان في الجانب الاخر من مروري على النّص , وهو الجانب النّاقد بعين الانصاف والاعجاب,وأظنّك سوف تتقبّل نقدي .

    تجب عليّ الاشارة هنا الى بعض الاخطاء الاملائيّة واللغويّة الاعرابيّه, ولنتحدّث أولا عن الأخطاء الاملائية . وجل من لا يسهو سبحانه وتعالى , واليك بعض الجمل ....

    لقد قلت: (نعم قولها ولا تخف ) , وعليك أن تقول: (نعم قلها ولا تخف)
    وقد قلت: أيضا(وسدلت دمعت من عيني ) , وعليك ان تقول: (وسدلت دمعة من عيني) , فعليك اخي ان تراجع النصّ مراجعة دقيقة قبل النّشر .

    وأمّا الجانب اللغويّ الاعرابيّ فعليك مراجعة بعض الأفعال من حيث نصبها او رفعها , فقد قلت أخي الكريم : (لماذا تتركي شبابك , ولماذا تأسي علينا, وغيرها) , وعليك أن تقول :(لماذا تتركين شبابك , ولماذا تأسين ... ) وهذا ينطبق على كثير من الأفعال في النّص ويجدر بك مراجعتها , لأن اعراب الفعل المضارع هنا (فعل مضارع مرفوع بثبوت النّون).

    وأمّا استعمال النعت والحال فقد كان جيدا وجميلا , فبوركت أخي على هذا النّص,وأرجوا أن تبقى همّتك في الاعالي كماهي , وسامحني على الاطالة أخي .

    ردحذف
  2. كم أثلجت صدرى و رفعت همتى بتعليقك الغالى ، و لا تدرى كم زدت فى نظرى احتراما مع أننى لا أعرفك ، فأنا أحترم كل من احترم لغته ، و أرجوك يا صديقى أن تقف بجانبى دوما تعلمنى مما جهلت و تصلح لى ما أخطأت حتى أتمكن من لغتنا الجميلة ثانية

    أشكرك جزيلا

    ردحذف
  3. سبق وقلت لك يا عبد الله بأن لا شكر على واجب , وأنا أيضا أخي يشرّفني الاطّلاع على نصوصك الجميله,وأحترمك أيضا على ما تملك من عقل مدرك واسع الاطّلاع وهمة عالية عرفت الى أين توجهها, ولا تحزن يا صديقي ان لم تجد اقبالا كبيرا على نصوصك (علما بأنّها تستحق التقدير), وتذكر بأنّ السعيد هو من يعطي دون أن ينتظر الشكر, أو السعيد هو من يعطي كما لم يعط أحد من قبل مثله

    ردحذف
  4. لن احكي لك عما انا عليه الان مزيج غريب من الدموع والضحكات انا حقا لا ادري هل انا سعيدة ام حزينة لقد فتحت لي باب دنيا لم اسمع عنها من قبل اوسع بكثير جدا مما هو الحال عليه في بلدي الصغير احسدك حقا علي القدرة علي السفر والترحال والتأمل والنظر الي ما هو قابع خلف ظواهر الاشياء استمتعت جدا حقا وان كنت قد المتني من قصة اختك رحمها الله واسكنها فسيح جناته وجعلها سفيرة جميلة لبيتكم في الجنة لن اضاهيك في براعة الاسلوب حق والبولا عذوبة الحديث ولكن للموت جلال لا ننكره ولكن للذكري مكان في القلب لا ننكره هذا بالضبط ما كتبته في مذكراتي وقت ان فقدت اعز الناس في يوم مااهدي لها كل نجاحك وعبقريتك وضحكاتك وزواجك وابنائك كلماتك ونثرك وشعرك وادعو لها بالرحمة تدعو لك باضعافها وما اشد احتياجنا للرحمة ونحن الاحياء اكثر مما سبقونا الي دار الحق والبقاء

    ردحذف
  5. نسيت ان اطلب منك يا عبدالله ان تكثر من كتاباتك عما رايت فلك اخوة في الصعيد بعيدون كل البعد عما تقول او علي اقل تقدير يطمحون اليه ويصعب عليهم تحقيقه اكتب عن اناس لم نعرفهم واماكن لم تطئها اقدام وعن كلام لم نسمعه وعالم لم نلمسه كن سفيرا لنا في دنيا الخيال التي اصبحت علي يدك قريبة المنال لن اقول احكي يا شهرزاد ولكن احكي يا عبدالله احكي بلا توقف فللحكاية في قلبي سلوي وعزاء وليكن دوما بينك وبين قرائك احلي لقاء. مي صابر المنيا

    ردحذف
  6. اعتذر يا عبدالله كان يجب ان يذهب هذا التعليق الي " أيام مع الالهام 3" ولكن لا أدري ماذا أتي به الي هنا ارجو المعذرة فالرؤيه في الثالثة فجرا وبعد ساعات السفر وفي غياب نظارتي الطبية الغالية" جلفدان"التي ترافقني في المساء فقط تصبح متعثرة جدا.مي صابر

    ردحذف