السبت، 27 مارس 2010

ستاند آب ... للعولمة

صحوت من النوم أمس ( الجمعة ٢٠١٠/٣/٢٧)، مقررا أن أفعل شيئا جديدا، و بالفعل بعد تفكير و بحث عن شئ أملأ به اليوم، قررت أن أذهب الى حفلة ال ( ستاند آب كوميدى ) التى أقيمت فى قاعة المؤتمرات.

ذهبت و يسر الله لى أن أجد تذكرة - حيث كانت الحفلة ممتلأة بأكملها - من غير معاناة . كنت فى الواقع ذاهبا الى تلك الحفلة معتقدا أن من سيقيمها هم الشباب المصرى ( جورج عزمى و أقرانه)، و لكن ما أن أمسكت بورقة الدعاية للحفل، اكتشفت أنهم أناس لم أسمع عنهم من قبل ( أحمد أحمد - شوجار سامى - دين عبيد الله و آخرون)، توقعت من أسمائهم أنهم أيضا مصريين، و تلك الأسامى هى للشهرة فقط . بل اكتشفت و أنا على باب الحفل أنهم جميعا أمريكان . تفائلت خيرا حيث أننى من محبين الكوميديا الأمريكى فى هذا المجال على الآخص .

بدأت الحفلة، و كانت ممتعة جدا و الضحكات تعلو ، و (القفشات) جميلة جدا، و لكننى بعد فترة قليلة قررت أن أمعن التركيز فى كل كلمة يقولونها. و حدثت المفاجأة كما توقعت بالضبط، لقد بدأ يأخذ الكلام طريق آخر غير الذى كان عليه، ألا و هو طريق العولمة.

أعلم أنك تتعجب من علاقة ال (ستاند آب ) بالعولمة، و لكن سأبدأ معك من البداية:
أولا العولمة هى كلمة مشتقة من كلمتين معا ( العلم - الهيمنة) أى ( علم الهيمنة) ، و هى هيمنة الثقافة الأمريكية فقط على كل ثقافات العالم الآخرى . و يجب أن نعترف أنهم نجحوا بل و تفوقوا فى ذلك بشدة . و هدف العولمة هو تصدير الثقافة الأمريكية بسلبياتها و إجابياتها لكل بقعة من بقاع الأرض ، حتى نكون جميعا عالما واحدا أى عالما أمريكيا.

نعود الى الحفلة:

بدأ الكلام كما قلت ، يأخذ اتجاها آخر غير الذى كان عليه . أولا بدأ بالسخرية من أفكارنا (الرجعية) عن فكرة المواعدة أو الصداقة الحميمة بين الشاب و الفتاة . ثم دخل واحدا آخر و بدأ فى السخرية من نقطة أخرى ألا و هى اعتقادنا (العجيب) عن الخمر و أنها حرام، مبررا كلامه أن له صديق مسلم لا يحتسى الخمر، و كلما جلسوا جميعا هو و أصدقائه يشربون الخمر ظل هو - المسلم - جالسا كالأبله و لكهنم يكونون فى حالة من الضحك و النشوة . ثم دخل بعده واحدا آخر ليلطف الأجواء و يهدئ اللعب قليلا، فبدأ يتحدث عن معاناة المسلمين فى أمريكا و صورة الإرهابى التى تثبت على أى شخص طالقا للحيته حتى و لو كان ملحدا.

وجاء فى آخر الحفل واحدا - كان قد سبقه اثنين آخرين لم يقولا شيئا ملفتا - إيرانى الأصل ، و لكنه أخذ يضرب على نقطة ملتهبة بكل ما أوتى من قوة، ألا و هى إيران و وضعها العالمى الآن . بدأ بالسخرية من ديمقراطيتها ، ثم من شعبها ، ثم من رئيسها ، ثم من الخمينى نفسه ، ولم يسلم بالطبع تطورها التكنولوجى فى مجال الحرب و النووى و الأقمار الاصطناعية.

أصابنى فى الدقائق الآخيرة ، دهشة و خوف معا. الدهشة مما تسمعه أذناى من فكر موجه و مدروس و محكم . حيث أنهم يعلمون تماما أنهم يتكلمون الى صفوة الشباب المصرى (ماديا و علميا) . و الخوف أن كل تلك الشباب كانوا يضحكون مما يقال، لا تستعجب ففى علم النفس معروف أن عندما تتحرك مشاعرك - مع أى حدث - الى مشاعر فرح أو مشاعر حزن فهذا معناه أن عقلك الباطن تقبل هذا الكلام (الحدث) و رسخ فيه مصدقا عليه.

عدت الى بيتى مهموما و الأفكار تكاد من كثرتها أن تشق دماغى الى نصفين . أعلم أن أمريكا دولة مؤسسات و أنهم لا يأخذوا أى خطوة الا بعد أن يدرسوها على أكمل وجه ، فبدأت أتساءل هل هذه الحفلة و كل تلك الدعاية و المصاريف و التكاليف فقط للتسويق عن ( منتج " كيك " جديد ؟ ، هل كل هذا السيناريو المحكم من قبل المتكلمين كان ارتجاليا و غير مدروس؟ ، هل هو اعتباطيا أو صدفة أن يكونوا معظم المتحدثين مسلمين ؟

قصصت على والدى ما حدث ، و طرحت عليه تلك الأسئلة ، فاضطرب هو الآخر و رأيت فى عينتيه علامات الحزن و الآسى .

فى نهار اليوم التالى، صحوت مقررا أن أبحث عن كل المعلومات التى تخص شركة " ايديتا " لعل ذلك ينفعنى فى الإجابة عن تلك الأسئلة. و كان بالفعل ، اكتشفت أن شركة "ايديتا " هى تابعة لشركة " هوستس العالمية" الذى يرأسها حاليا " كريج د. چانج ". هذا الرجل فى عام ٢٠٠٠ كان رئيسا لإحدى الشركات التابعة لشركة " كوكاكولا" و هو صاحب قرار دعم كوكاكولا لإسرائيل مباشرة بحصة ثابتة من الربح أثناء تدهور اقتصادها بسبب الانتفاضة ، و هو أيضا الذى رأس شركة " بيبسى" اليهودية بعد ذلك.
بدأت أجد أجوبة مقنعة على أسئلتى ، إن هذه الحفلة لم تكون لدعاية عن المنتج فحسب ، فإنها دعاية للسياسة الأمريكية فى الأصل ، لم يكن السيناريو بالطبع ارتجاليا فهو مدروس و محفوظ و موجه، و فكرة أن يأتوا أشخاص لهم أسماء مسلمين يتحدثون عن أمور فى العقيدة ما هى الا خطة لتذويب أى حاجز جليدى بيننا.

دخل علىّ والدى و عيناه تملأهما الغضب و أنزل علىّ سيلا من الأسئلة ، لماذا لم يتكلموا عن سياسة أمريكا و مقتل أكثر من مليون عراقى جلّهم من الأطفال، لماذا لم يتحدثوا عن تشريد خمسة ملايين عراقى فى أنحاء العالم ، لماذا لم يتكلموا عن أمريكا و ديمقراطيتها الغراء بأن من ليس معها فهو ضدها ؟

جاوبته و بكل هدوء لأنها كانت ستاند آب ... للعولمة !!!!


عبدالله شلبى
٢٠١٠/٣/٢٨
١:٠٨ ص

هناك تعليق واحد:

  1. ya reet ya 3abdalla 2el kol yentabeh la mola7aztak hade...fe3lan kteer men 2el movie w 2elmasra7eyaat kolha tashweeh som3a ll 2eslam w 7atta 2el aflam 2el 3arabee malyaneh tashweeh.
    .bs mola7azatak 2elyoom kteer 7elweh w shokran 2elak 3ala 2elkalam algameel... :-)

    ردحذف