الخميس، 21 يوليو 2011

لمصلحة مَنْ؟

أكتب اليكم تلك الكلمات، بعدما أغلقت حقيبة سفرى لأطير خارج البلاد فى رحلة قصيرة، فى محاولة للخروج من صخب الحياة اليومية و الأحداث السياسية و الانشغال بمستقبل ثورتنا.

و لكنى و أنا أكتب الآن تنسدل على خدى دمعة ساخنة - على غيرالمنتظر - فمن المفترض أن تأخذنى الحماسة و نشوة الفرحة الى حالة غير هذه، و لكن التفكير فى ابنتى الغالية يجعلنى أنسى نفسى و أنشغل بها وحدها. و حالها الآن يرثى له، بعد ٦ أشهر من القبوع داخل العناية المركزة دون تقدم ملحوظ فى حالتها اللهم الا التدهور الملحوظ فى مواقف كثيرة.

كلما تذكرت ذلك الفعل الباهر الذى قام به شباب مصر يوم ١٢ فبراير ٢٠١١، عندما انتفضنا جميعا دون سابق ترتيب أو اخطار نكنس و ننظف البلد بأكملها و كأننا نزينها لدخلتها؛ دعنا نتعمق معا فى ذلك المشهد الفريد الذى أبهر العالم:
إن مبدأ تنظيف مكان هو فعل يوضح أن هذا المكان يجهز لاستقبال حدث هام ، و مقولة "كنسنا الشوارع عليهم" تعنى أننا ننظف ورائهم ما خلفوه من فساد و احباط و تعب؛ و فى الاثنين رسالة واضحة أن ذلك الشباب يجهز مصر لبنائها من جديد و أعطى بالفعل اشارة أنه جاهز لحمل المسؤلية بقيامه باعداد المكان دون أن يطلب منه أحد.

بدأت من يومها الرسالات الاستخباراتية تتغير نبرتها فتظهر فيها الرحمة و هى فى باطنها العذاب حقا، لم أنسى عندما قالت هيلارى كلينتون (وزيرة الخارجية الأمريكية) "لقد أخطأنا فى دراسة الشعب الصرى و خاصة شبابه، و علينا أن نعيد دراستنا له الآن" .... من المفترض أن نفرح لخطأهم و أننا خذلنا عقولهم و أظهرنا أننا شعب متحضر بنّاء و حالم، و لكن قولها سنعيد النظر فى دراستكم من جديد هو ما يوضح أنهم سيعيدون البحث عن ثغائرنا من جديد.

لنعود لنقطتنا الأساسية، قام الشعب لكنس الشوارع خلف الفاسدين و المفسدين، و عاد لبيته واثقا فى جيشه المتمثل فى المجلس الأعلى للقوات المسلحة (الذى تولى ادارة البلاد بتكليف من رأس الفساد نفسه المخلوع حسنى مبارك !!!).
توالت الأحداث بعدها غير مفهومة المقصد و لا النية، بدأ المجلس العسكرى بقسم الشعب فى الاستفتاء الوهمى، ثم المماطلة و الابطاء فى اتخاذ أى قرار، ثم تولية المناصب لكل من هو فاشل.

يذكرنى موقف المجلس العسكرى ، بموقف مشابه حدث فى روسيا السوفيتية فى الخمسينيات، عندما جندت المخابرات الأمريكية عميل لها فى ادارة الاستخبارات الروسية و كان مهمته اختيار الوزراء، و لم تطلب منه أمريكا سوى أن يولى أفشل المرشحين المناصب الهامة و الحيوية فى الدولة، فما لبثت روسيا بضع سنوات حتى ذاقت الأمرين و بدت بوادر الانهيار الجارف عليها.

و هذا ما حدث فى مصر قام المخلوع باسناد مهمة ادارة البلاد لأقرانه من المجلس العسكرى، فقاموا هم بدورهم باسناد المناصب و المهام لأفشل من يرشح لهم. و بدأت أشعر أن الأمر طبيعي فقد ولى الخائن خائنا مثله. أعجبت؟! أعجبت من تلقيبى لهم بالخونة، لا تتعجب فأنا لا أعرف للمجاملات طريق، و الخيانة من وجهة نظرى هى أن تقبل بمنصب و أنت تعلم تماما أنك لا تفقه فيه شئ؛ أليس ذلك خيانة للأمانة ؟؟؟ ماذا يفقه ذلك العسكريون فى فن السياسة و الادارة حتى يوليهم الخائن ادارة شؤون البلاد؟

لقد خان المجلس العسكرى جموع الشباب الذين نزلوا و قدموا أرواحهم و دمائهم فداءا للحرية و الكرامة و الانتقال من عالم ثالث لعالم أول، خاننا عندما غض بصره عن تلك الارادة الملهمة لبناء البلد التى تمثلت فى كنس الشوارع و تنظيفها. لقد قالها الشباب نحن جاهزون للعمل ، جاهزون لننميها قُتلنا و أصيبنا لها و ليس لأحد غيرها، هلم علينا بالمهام ، و لكن الرسالة كانت أقوى على المحتل من الصاعقة، فهرول الديبلوماسيون الأمريكيون ( و كان منهم من اللوبى الصهيونى الكثير) الواحد تلو الآخر، يجلس مع أعضاء من المجلس العسكرى، يتساءلون ماذا أنتم فاعلون مع تلك العقول الباهرة ، و الحماسة المقلقة، لقد بدأ الشباب يجهز نفسه لاعمار البلد، و وجه نظره صوب فلسطين و قال إن تحريرها يبدأ بتحرير مصر و بنائها.

فلسطين !!! آآه بلى انها كلمة السر، عَلِمَ اليهود أن هذا الجيل لم ينسى بعد فلسطين و ظهرت الأعلام الفلسطينية فى أكثر من مشهد إبان الثورة المصرية، و ظهرت الرسالة متجلية فى تفجير خط الغاز الواصل لاسرائيل أكثر من مرة، و حصار السفارة الاسرائيلية و الضغط لتنزيل العلم الاسرائيلى من عليها. و الدعوة للزحف الى الحدود الذى لباها الكثير، نقاط أغفلناها جميعا و اعتبرناها أحداث عابرة، و لكنها نقاط واصلة و هامة لتكتمل لنا الصورة.

رئيس خان شعبه و بلده ٣٠ عاما، ثار عليه شعبه و أصر علي خلعه، سلم الخائن المخلوع السلطه لأقرانه، و كانوا وجوها جديدة على الشعب فوثقنا فيهم قبل أن يبدوا لنا ما فى نواياهم، وضع أصدقاء المخلوع همهم فى اطفاء حماس الشباب المتعطش لبناء بلده فبدأوا بتقسيمه الى فرق و شيع ثم اتخاذ أى قرار مضاد لرغباتهم حتى يقتلهم الاحباط، ثم يقوموا بتسليم السلطة عندما يُعطى لهم الضوء الأخضر من الأستانة (أمريكا) ، بعدما تتأكد أن حماسة الشعب انطفأت و لم يعودوا يسألوا عن أى تغيير حقيقى و جذرى للخروج من تلك الزجاجة، و يتأكدوا أنه عاد شعب مستأنس خامل حينها سيتم تسليم السلطة الى مدنيين؛ فلن يكون هناك عليهم ضرر و لا خوف من ذلك الشعب الأليف.

فهل علمت الآن لمصلحة مَنْ تتم تلك العمليات الممنهجة لوأد الثورة و قتل حماسة الشباب و دفن أحلامهم ؟؟!!!
و هل أنت جاهز للتحدى و التمسك بحلمك مهما كان الثمن ؟


عبدالله شلبى
الخميس ٢١ يوليو ٢٠١١
٠٤:٥٣ صباحا

السبت، 16 يوليو 2011

الكومبارسات الصامتة

لا، لن أقبل أن أكون من وزراؤه و سأترك شرف يغرق وحده و يواجه مصيره.




كان هذا هو ردى على والدى عندما أيقظنى من نومى- بعد ٤٣ ساعة من العمل و التنظيم و التأمين في الميدان- على سؤال: هل من البطولة أن ترفض أن تكون وزيرا إن عُرض عليك، و نترك جميعا شرف وحده يغرق؟




بعد الاجابة التى صدمته قليلا، حاول أبى أن يقنعنى بطريقة أخرى قائلا: فى كثير من الوقت يقبل البطل دور فى الفيلم لا يتعدى ظهوره على الشاشة دقيقة و نصف، و لكن يبقى هذا الدور خالدا فى أذهان الكثيرون و ينسوا اسم الفيلم و بقية الممثلين، مثل ما فعل توفيق الدقن عندما قال جملته الخالدة: "يا آه يا آه، أحلى من الشرف مفيش" هل تعرف اسم الفيلم ؟ هل تعرف من كان يمثل معه ؟




كانت اجابتى بالطبع لا، و لكنك أكدت على ما أقوله. فسألنى كيف؟




فأجبت: عندما وافق توفيق الدقن على القبول بهذا الدور، ترك له المُخرج المساحة كلها ليُبدع و يُظهر أقصى ما لديه من خبرات فى التمثيل، و لكن المجلس العسكرى مُصرٌ أن يكون جميع الوزراء "كومبارسات صامتة" لا يأخذون خطوة دون الرجوع اليه، و للأسف ما زال شرف قابل لهذا الدور السخيف الذى سيجعل التاريخ يذكره بين سطور صفحاته السوداء، بعد أن دعوناه مرارا و تكرارا ليصعد الى الميدان ليأخذ صلاحياته كاملة و يعى أنه الآن أقوى رئيس وزراء فى العالم بفضل الشعب الذى أسند اليه ذلك المنصب.


فالمجلس العسكرى- بقيادة مبارك الى الآن - لا يريد أن يعترف بالثورة، و لا يريد أن يفهم أن هذا الشعب ثار على الظلم و الاستبداد والمركزية و السلطوية و البطء و التباطؤ.


و لا أظن أن هناك وزيرا ثوريا فى أفكاره، متقنا لأدائه، يقبل أن يكون كومبارسا صامتا- يظهر أمام الكاميرا بقفاه و فى أحسن الأحوال بوجه مبتسم- في تلك اللحظات الحرجة التى ترك فيها التاريخ العالم بأسره و تفرغ لمصر ليكتب و يسجل ما يحدث بقلم من نور و آخر من الفحم.




تمت




عبدالله شلبى


١٦ يوليو ٢٠١١


٩:٣٠ صباحا

الثلاثاء، 12 يوليو 2011

الى من يهمه الأمر!

اليوم سأبدأ الكتابة بدون مقدمات و لا تقديمات، لأن الوضع لا يحتمل أى تفسير أو شرح للوضع الراهن.


ان الثورة التى لا تطمع أن تكون مجرد نظام حكم ديكتاتورى ساذج، و التى تطمح ، فى الوقت نفسه، أن تكون أكثر من مجرد دسائس و مؤامرات تحاك فى ردهات القصور و دهاليزها، يتوجب عليها أن تحدد أهدافها على أساس من النقطتين الرئيسيتين التاليتين:


١ فمن واجبها أن تجد الحلول لكل المشاكل السياسية و المعضلات الاجتماعية الملحة، التى اقتضت قيام الثورة نفسها، و جعلت نجاحها ممكنا. و بهذه الطريقة ، دون غيرها، تتمكن الثورة من ازالة آثار نظام الحكم السابق، الذى أخفق فى تشخيص الداء و وصف الدواء.


٢ و من واجبها أن تكون قادرة على تطوير نظام دستورى جديد يخلد منجزاتها، و يحافظ على مكتسباتها، دون خوف من ردة، أو خشية من عودة الى سيئات الماضى و آثامه.

(الفقرة السابقة منقولة)


و بناءا على النقطة الأولى، فقد قمت بمحاولة لرصد المشكلات السياسية و المعضلات الاجتماعية و وضع حلول ثورية من الممكن أن تلقى قبولا عند القطاع الأوسع للثوار؛ أولا حلول المشكلات السياسية:


- اقالة النائب العام

-علنية المحاكمات و سرعة أداؤها.

-انتزاع صلاحيات رئيس الوزراء مع ابقاء حق المجلس فى الحفاظ على الأمن القومى.

-اعادة هيكلة الداخلية.

-اعادة هيكلة ماسبيرو.

-اشراك الشعب فى اتخاذ القرار.

-معاملة مبارك كباقى زملاؤه من السجناء.

-الغاء المحاكمات العسكرية لكافة المدنيين.


ثانيا حلول للمعضلات الاجتماعية:


- وضع حد أدنى للأجور.

- رقابة صارمة لأسعار كافة السلع و المواد الغذائية و الأسواق، و تفكيك عصابات مافيا السلع الغذائية.

- تطبيق قانون الاسكان الفرنسى "الذى ينص على منع تسقييع و غلق أى منشأة سكنية لمدة زمنية معينة، واذا حدث هذا تُجبر وزارة السكان المالك بتسليم الشقة لها مقابل ايجار عادل بما يتماشى مع سعر الفائدة السارية؛ و هذا سيوفر شقق كثيرة بأسعار هادئة".

- حل جذرى للفتنة الطائفية "كتطبيق فكرة ميثاق مصر"

- التعليم: انشاء مؤسسة للتعليم مستقلة مهمتها تطوير المناهج، و تدريب المدرسون، و اعداد الطلبة تتبعها وزارة التربية و التعليم.


وبناءا على النقطة الثانية من الفقرة المنقولة أرجو أن يبدأ سيل كتابات الأوراق الارشادية للدستور، و يتم التوافق على البنود حتى لا نترك الفرصة لأى فصيل الالتفاف على ثورتنا و ضياع مكتسباتها و منجزاتها.



هذه من وجهة نظرى البسيطة، و على من يرى تطويرا أو تعديلا لتلك النقاط الرجاء فليفعلها.



عبدالله شلبى

الاسكندرية

١٢ يوليو ٢٠١١

٤:٣٠ مساءا

السبت، 9 يوليو 2011

الى المجلس العسكرى: "اياكم أن يخرج نفرا منكم"

بسم الله الرحمن الرحيم
بيان الى أعضاء المجلس العسكرى:

هذه العبارات التى تقرؤوها الآن من الممكن أن تكون رسالة تنبيه، أو نصيحة أو حتى انذار. قد تختلف المسميات و لكن الهدف واحد و واضح.

فى خضم حالة الغليان الذى استطعتم بقدرة وسرعة فائقة أن تصيبوا بها الشعب المصرى الحمول، و فى ظل تعنتكم و تجاهلكم للشارع المصرى، متبعين "النظرية المباركية" فى فن تجاهل الشعب و الاستخفاف و الاستهتار به (و هذا مما دفع الناس لاسقاطه).

أدعوكم للتريث و عدم الاقدام على أى فعل ثورى استعراضى، فيه محاولة لأى منكم الالتفاف على الثورة الشعبية الخالصة، على غرار ما فعله، الرئيس الراحل جمال عبدالناصر و بيان السادات الشهير "لقد خرج نفر منا".

ان هذا الشعب الذى ذاق الذل و التهميش ستون عاما و أكثر، قد كفر بالدولة العسكرية و كل ما يتبعها من قريب أو بعيد. و هذا الشعب مازال مستعد على اهداء الدماء فداءا للكرامة و الحرية و العدالة الاجتماعية، و لن يسمح لأحد من العسكر أن يقفز على سدنة الحكم مهما كان اخلاصه و حسن نواياه.


راعوا الله فى هذا الشعب و اعملوا لأجله وحده ، و اوفوا بعهدكم معه بأن تحموا ثورته و مطالبها، و كونوا عند حسن ظن شعبكم بكم يكن هو عند حسن ظنكم.

عبدالله شلبى
٩ يوليو ٢٠١١
٥:٤٢ مساءا

الجمعة، 8 يوليو 2011

تذكرة عودة

من الممكن أن تكون تلك التدوينة أقصر تدوينة لى على هذا الموقع، و ليكن . و لكن لن أستطيع أن أنطلق عائدا الى وطنى دون أن أشاركك تلك الحالة الفريدة التي ربما لم تمر عليك.

اليوم ٨ يوليو، أو كما أحب أن أرسمها بأصابعى ٧/٨ يوم العودة الى الميدان؛ "ميدان التحرير". لا أستطيع أن أصف لك شعورى بالضبط و لكننى سأحاول.

لقد ارتبطت فى تلك ال ١٨ يوما بالميدان ارتباطا روحانيا و جسديا و فكريا، حتى صرت أشعر أنه بيتى، و وطنى الحقيقى، و مَنْ هناك هم أهلى الذين أشتاق اليهم و يشتاقون الىّ . لقد قضيت ليلة البارحة فى فراشى كالطفل الصغير، أنتظر لحظة شروق الشمس بفارغ الصبر، و استيقظت عشرات المرات أنظر فى الساعة . كم أنا مشتاق للعودة ، خمسة أشهر فراق كانت فترة طويلة حتى تجعلنى أكاد أطير لأصل اليه، اني مشتاق لتلك الوجوه الناضرة المبتسمة الحنونة، فكلنا فى الميدان نِعمَ الأهل، نتكلم مع بعضنا البعض ساعات و ننسى حتى أن نعرف الأسماء، فكلهم "ولاد البلد، ولاد بهية"

أنا أسف، حقا لا أستطيع أن أكمل فقلبى يتراقص فى مكانه يريدنى أن أسرع حتى نعود، فكم اشتاق ليرى مجددا تذكرة العودة، اذا لم تذق هذا الشعور فعليك الصعود الى "ميدان التحرير" آآآآآآآآه كم له فى القلب من عشق !!

عبدالله شلبى
٢٠١١/٧/٨
العاشرة صباحا

الثلاثاء، 5 يوليو 2011

"غوروا يرحمكم الله"

هذه الكلمات التى تُقرأ الأن أمام عينيك، خلفها صرخات تخرج من بين ضلوع امتلأت بالأسي و الألم قادرة على أن تصم السليم و يسمعها أى أصم. ألم زرع فى النفس بعناية من هول ما أرى يوميا من هراء و خراء في ادارة تلك البلاد التي لم يكتب لها أن تفرح ليلة دخلتها علي شعبها الذي دفع مهرها دما و صبرا و نضالا.

رئيس وزراء حملناه على أكتافنا، وحمّلناه أحلامنا، و لكن للأسف لم يعى ولم يدرك للحظة تلك القوة الطاحنة التى يتمتع بها. لم يفهم أنه الآن أقوى رئيس وزراء فى العالم، لم يستوعب أن معه سلاح فتاك قادر على هزم المستحيل نفسه، هذا السلاح اسمه الشعب !!!

لا أعبأ كثيرا و لا أهتم بتلك النغمة التى أسمعها على شفاه الكثيرين، أنه مقيد من قبل المجلس العسكرى، أو أنه يخشى أن يقدم استقالته فيأتي المجلس بأحد لا يقول شئ غير "سمعنا و أطعنا"، أو أنه يخشى اذا قدمها أن تحدث وقيعة بين الجيش و شعبه.. ما هذا الملل و عدم الكلل من نبرات اللامبارك التي أصبحت تسرى فى عروقكم مسرى الدم ؟!! أى منطق هذا الذي ينص على أن أكون مقيد بأحد غير أقوى قوة فى البلاد و هى الشعب؟ ، أى منطق ذلك الذى يقول أن من أتوا بى و حمّلونى الأمانة سيتخلون عنّى عندما أحتاج اليهم؟، أى منطق يعقل أن تحدث وقيعة بين هذا الشعب الذكى الفطن الذى استطاع فى لمح البصر أن يفرق بين قوات الداخلية و قوات الجيش و حول غضبه الى هتاف "الجيش و الشعب ايد واحدة" و ذلك الجيش الأبى الذى نزل الى الشوارع يتعامل مع أهله بكل رفق و ترك الآلاف يركبون عرباته و مجنزراته و دباباته و لم يمنع أحدا و تدارك الفرق بين التعليمات و القوانين و بين فرحة شعب يرى النصر و يمد له يده.

لم أكن أتوقع للحظة و أنا ألملم أشيائى من الميدان أنه سيأتى علىّ يوما ثانيا و أشعر بكل هذا الهم و الغم بسبب تردى حالة ابنتي، لقد عدت يومها الى بيتى و أنا أتمشى و أكاد أطير من الفرح، عدت أفكر و أحلم و أخطط لمستقبل تلك الابنة الشقية التى لم تتمتع بشبابها و لم تزورها الفرحة منذ أزمان بعيدة.

لماذا فعلتم بنا هكذا ؟؟، لن أفتح لك يا سيادة رئيس الوزراء و لا لأحد من رجالك كشف حساب، فقط سأقول لك "اقرأ كتابك فكفى بنفسك اليوم عليك حسيبا". لأننى بالمصرى الفصيح "رميت طوبتك انت و حكومتك و المجلس العسكرى" و آمنت و بصمت بالعشرة علي مقولة شيخنا الجليل عبدالرحمن الكواكبى "لن يعيد لمصر شبابها الا شبابها" و أذكركم أنه "لم يعد لجورجيا شبابها الا شبابها" تلك الدولة التى لم يتعد فيها عمر أى مسؤول بها بعد الثورة السابعة و الأربعين من عمره، و لكن فى مصرنا و بعد الثورة؛ ألقت لنا دور المسنين بخيرة عجائزها و روادها ليمسك كل واحد منهم بمسبحته ليعد الأيام المتبقية له و لكن من على كرسى الحكم. (من الطبيعى أن أنهى تلك الفقرة بكلمة اعتراضية أولها مثل آخرها)

سأبدأ الآن لأحلم بصوت عال لعل الله يسمع دعائى الآن و أنا فى وقت السحر من الليل و يغير لنا جميع المسؤولين و يأتى لنا بشباب أشداء على قدر المسؤولية، و لعل كلامى يصل و يكون مساعدٌ لمن سيخلف هذا الذى خلّفنا ٥ أشهر أخرى، قادر يا كريم.

أولا سأحاول تحديد نقاط الخلل التى تعاني منها مصر الآن: فعندنا مشكلة عارمة فى حقوق الانسان و على رأسها الحرية بكافة أنواعها، و عندنا مشكلة فى القضاء، ثم عندنا مشكلة فى وزارة الداخلية (هذا الكيان الذى استشرى فيه الفساد) و عندنا مشكلة اقتصادية لها من الأسباب و النتائج المترتبة عليها.

١- حقوق الانسان:
لا تقلق، لن أطول عليك في تلك النقطة كثيرا فكم البيانات و الورق التى أصدرها- من يتخيلون أنفسهم -النخبة؛ كافية شافية علي أن أطلب منك تسميع بنود حقوق الانسان فى ميثاق الأمم المتحدة. كل ما نريده من رئيس الوزراء أن يطبق تلك البنود بحذافيرها و أى تعدى على بند واحد منها يكون بمثابة تعدي علي كرامة الشعب المصرى بأكمله و ان لم يستطع أن يأخذ لنا حقنا، فاستقالته خير وسيلة للرد على الاهانة.

٢ - القضاء:
أولا يجب اقالة النائب العام فورا، فذلك الرجل تربي علي أخذ الأوامر من الحاكم (أيا كان) اذا قال له طرمخْ طرمخَ و اذا قال له احكمْ حكم.َ
ثانيا لا مجاملات لأحد فى القضاء، فان الله يقيم الدولة العادلة و لو كانت كافرة و يهدم الدولة الظالمة و لو كانت مسلمة، لا معنى أن يعامل اللامبارك بطريقة غير التى يعامل بها المتهمون أمثاله، فكلنا سواسية عند الله و أمام القضاء، و اذا اعترض أحد او تذمجر من أشقائنا العرب أحباب مبارك، سنجعل القانون الذى اخترعه و اتبعه بوش الابن هو قانوننا ألا و هو (shoes talk) أو (الكلمة للحذاء)، و لن نعبأ بما سيفعلونه بالمصريين الذين يعملون عندهم، لأن الأرزاق على الله، و اذا وجدنا الله نؤيد العدل و ننصره سيرزقنا من حيث لا ندرى و لا نحتسب، و اذا وجدنا نضع العدل فى كفة و المصالح فى كفة و نرجح كفة المصالح، فحالنا خير شاهد و دليل.

٣- وزارة الداخلية:
هذه المؤسسة التى تحارب كل يوم لتثبت أنها أكبر مؤسسة فساد ممنهجة فى مصر، لم نرى أن قدم وزيرها ذو الأربعة و السبعون عاما قناصة الداخلية للتحقيق حتي يتبين لنا قتلة الثوار منهم أو يتبين لنا براءتهم، و يثبت أنه كان هناك أياد خارجية، فيتحول جهاز المخابرات بأكمله و علي رأسهم كبيرهم اللواء عمر سليمان للتحقيق. نريد أن نرى اقالات جماعية للصف الأول من القيادات مساعدو اللاحبيب اللاعادلى و أى من القيادات التى يثبت و لو للحظة تورطها فى أى فساد أو تقاعصها عن أداء عملها، و كما نحب أن نرى تطهير شامل و جارف للميليشات التي تطلق على نفسها أمناء الشرطة. و الافراج الفورى عن نصف أو ثلاثة أرباع الجيش المصرى المضاد للمصريين الذى يدعى بالأمن المركزى.
ان هناك عقول فى الداخلية تستحق كل احترام و تقدير و يجب علينا أن ندفع بهؤلاء ليتقلدوا مراكز القيادة لاعادة هيكلة هذا الكيان الفاسد، و علي سبيل المثال لا الحصر ذلك الضباط الذين ظهروا مع بلال فضل فى برنامجه فى الميدان.

٤- الاقتصاد:
ان الاقتصاد و الأمان و الأحلام ثلاثي مرتبط ببعضه البعض كالمثلث لا يجوز فصلهم، ان اقتصاد الدولة يعتمد علي قدرتها فى توفير الأمان للمستثمرين، و أمان الدولة يعتمد على مدى التفاف الشعب حول هدف قومى محدد و برّاق. و أظننا جميعنا لاحظنا أن مصر عاشت ١٨ يوما كانوا أأمن أيام مرت علينا فى تاريخنا برغم غياب كامل لأفراد الشرطة، اللهم الا بعض الأكاذيب الذى روجها التلفزيون المصرى كعادته، و كان السبب أن هناك هدف قومى واحد ألا و هو هدم دولة الفساد و الظلم و اسقاط نظامها.
هذا ما نحتاج له ليس فقط فى المرحلة الراهنة و لكن دائما؛ و سأعطى مثالين على هذا:
المثال الأول هو مشروع حلم مصر الذى كتبه و نشره المهندس الجوهرى أبو الحسن الجوهرى فى جريدة الأهرام (عدد الاثنين ٦ يونيو ٢٠١١ صفحة ١٩). نريد أن يتم الاهتمام بتلك الأفكار و لو حتى بالتعديل عليها و فتح النقاش حولها ، حتى نخلق حالة من العاصفة الفكرية تقودنا نحو الأفضل.
المثال الثانى نعانى الآن من أزمة فى السياحة، لماذا لا تطلب حكومة الثورة مثلا ١٠ ألاف مواطن متطوع و تقوم بتدريبهم على رقصات استعراضية ، ليقوموا بأكبر استعراض فى الأقصر و أسوان و عند سفح الأهرامات و يكون حدث تسويقى عالمى للسياحة فى مصر.

هذه الأفكار و غيرها الكثير لن تنفذ من قبل تلك الحكومة العاجزة التى تنأى بمسمعها عن الشعب، تلك الحكومة التى كتب عنها المستشار السياسى لرئيس وزرائها، أن نصف الوزراء يعتقدون أنهم فى حكومة ثورة و النصف الآخر يعتقد أنه فى حكومة تيسير أعمال. و أنا أعتقد أنهم جميعهم مؤمنون أنهم فى حكومة (ازاحة الأيام) قابعون على كراسيهم مثل الموظفون البليدون، و كلهم يستحقون عن جدارة لقب (وزراء علي ما تفرج) .

أتمنى الآن أن نعلى مطلب تغيير تلك الحكومة و نشترط أن تكون حكومة من الشباب و نؤمن جميعا أنه "لن يعيد لمصر شبابها الا شبابها" لننطلق جميعا و نعلنها أمام مجلس الوزراء هاتفين "غوروا يرحمكم الله".

عبدالله شلبى
٥ يوليو ٢٠١١
٥:٥٥ صباحا