السبت، 23 أكتوبر 2010

أندلسيو مصر

كنت البارحة فى الجلسة الأسبوعية العائلية ، حيث المحاولات المستمرة للحفاظ على صلة الرحم من مشاغل الدنيا و دوامة التطور و التطلعات. بدأ الحديث كالعادة بتذكر المواقف المضحكة و أهم أحداث الأسبوع ، مرورا بأهم الأخبار التى حدثت على الصعيدين السياسى و الكروى ، ثم بدأت موجة السياسة تعلو شيئا فشيئا حتي سيطرت على دفة الحوار .

من المؤكد أنه بدأ الحديث بالنواح و الأنين على أحوالنا التى تدهورت بشكل لا نحسد عليه ، و بدأ جيل أبى و ما يصغره فى عقد المقارنات العقيمة بين هذه الأيام و أيام السبعينيات و ما قبلها . تدخلت قاطعا للحوار - حتى لا يطيلوا السرد فيما لا ينفع و لا يصلح شيئا- متسائلا : هل تريدون حقا فعل شئ من أجل أن تصلحوا من أحوالكم أم ستكتفون بالعويل و الندب ؟

كان وقع السؤال فى نفوسهم غريب بعض الشئ ، منهم من لمعت عيناه منتظرا معجزة من السماء أو كلمة السر لبوابة على بابا ، و منهم من أغمض عينتاه متكبرا و كأنه حوى الدنيا بعلمها و خبراتها و ينتظر متربصا أن أحرك شفتاى ليقول و فمه شاغرا "مفيش فائدة" ، و منهم من لم يهتم أصلا بما سأقوله لأنه محترف عويل و لطيم و اعتقاده أن الأمل معدوم يسرى فى شراينه مسرى الدم .

بدأت فى الحديث عن بيان التغيير و أن عدد الموقعين عليه شارف على مليون شخص ، و أنها خطوة ممكن أن تفعل شيئا حقا اذا زاد العدد و أصبح حرفىّ كلمة "لا" أقوى من الهراوات و العصى و أقدر من النار على تسييح القيود.

أولا التمست بريق أمل فى السكوت الذى ساد المكان ، ثم بدأت رائحة الخوف و الكسل و الخنوع تفوح من كل فم يفتح ليرد على قولى ، هل الحكومة ستهتم أصلا بهذا حتى و لو أصبح العدد ثمانون مليونا ؟ ، لم يولد فى مصر الزعيم بعد الذى نلتف حوله و أفديه بروحى ، ما قيمة أن أوقع على ورقة لن يراها الا أنت ! ، البرادعى عندما أتى الى مصر بعث فىّ الأمل من جديد و لكنه كثير الترحال و لا يهتم بنا أصلا ، .....الخ

ظللت أستمع و أتابع بعينى ملامح العجز فى وجوه مازالت تحتفظ بشبابها ، و تذكرت قول الدكتور فاروق الباز عندما نعت هذا الجيل قائلا : "جيل الفشل" . ثم دار السجال بينهم أن لو حدث تغيير ديمقراطى شعبى بغير زعيم فى مصر ، ستبدأ المعارك بين الطوائف من الاخوان و السلفيون والأقباط والليبراليون و الفاسدون و المنتفعون و المستثمرون ، لذا لننتظر الزعيم.

انفصلت عن الجلسة و أنا فى مكانى و بدأت أحدث نفسى : مصريون ينتظرون الزعيم ، و مسلمون ينتظرون المهدى ، و مسيحيون ينتظرون المسيح . و رأيت أمام عيناى كتاب "سقوط الأندلس" ، تمر صفحاته الواحدة تلو الأخرى و تعجبت من وجه الشبه بين حال الأندلسيون فى زمانهم ، و حال المصريون الآن .

و فجأة رأيت طفل يجلس بجوارى ، و رأيت شعر يداى يعتليه الشيب بعض الشئ، ثم أمعنت النظر فى وجهه فكان يشبهنى كثيرا فى طفولتى ، و كان ممسكا فى يده بخريطة العالم ، فوضعها على رجلى و بدأت أشير له على البلدان و أقول له أسماؤها ، ثم و جدتنى أشير له على خريطة دولة و أقول له : كانت هنا دولة تسمى مصر ...

و انسدلت دمعة ساخنة على خدى ، فسمعته يهمس لى فى أذنى : أجل فلتبك كالنساء مُلكا ، لم تستطع أن تدافع عنه كالرجال.


القاهرة
٢٠١٠/١٠/٢٣
٠١:٤٢ مساءا

الجمعة، 8 أكتوبر 2010

حقيقة الوهم

ستة أشهر ، منذ أن سلّمت نفسى الى موج الدنيا ليقذفنى الى حيث يشاء . بعدما ثبتت دفة مركبى على موجة السياسة ، فى كل مرة كلما علت الموجة أو انخفضت ، ألتقى بأناس لم يخطر على بالى قط أن أقابلهم ، أناس لم أكن أراهم الا أمامى فى التلفاز ، أو أقرأ أخبارهم فى الجرائد ، و آخرون تعرفت عليهم بعدما دخلت هذا المعقل الزخم الملئ بالأحداث و الأفكار و التوقعات و التكهنات .

آمال تعلو و أخر تتهاوى ، أحلام تقترب ثم تصير سرابا ، أفكار تبنى ثم تصبح حطاما. رحلة مليئة بالضغوط النفسية و الذهنية، رحلة آمنت فيها أن خير جليس لى حقا هو الكتاب، و أن النجاح غلطة لن يغفرها لك أصدقاؤك .

و علمت فيها أننا (فى مصر) نعيش و نتعايش فى وهم كبير ، وهم فى كل شئ و أى شى ، وهم حتى أننا نعيش . حاولت أن أضع كلمة كأنه أو كأنها قبل أى شئ و فهمت الحقيقة بعض الشئ :

كأنه (وطن) :
يهتم بكرامة أولاده ، و يقف ورائهم حيثما كانوا ، يحبونه حقا و يؤمنون به و بامكانياته ، ويعلم هو أن لا خير له الا فى أولاده ، و ليس يلفظهم حتى يكون آخر أمالهم أن يهربوا منه حتى لو كان الثمن حياتهم و يكونوا طعاما للسمك .

كأنه (حاكم) :
يؤمن أننا رعيته حقا ، و يتألم لآلامنا بل آلام كل دابة فى أرجاء الوطن ، لا يشغله شئ الا راحتنا ، و ليس ما يشغله فقط هو عرشه الذى لا ينوى النزول من عليه ، حتى يلفظ آخر أنفاسه عليه.

كأنهم (وزراء) :
حصلوا على مواقعهم بفكرهم المستنير و خططهم المدروسة و علمهم الواسع و كفاءتهم المنشودة، و ليس فقط أنهم ( ولاد ناس و محترمون) أو متملقون و منافقون ، لا يفقهون شيئا الا كيفية تتويه المواطن و الهائه بالمشاكل و الهموم و تنفيذ كل خطط الرئيس الملهم اللاتى دائما ما تكون فى النهاية أقوال و لا أفعال .

كأنها (أحزاب) :
تعمل فعلا على التواصل مع الشعب و لها رؤي و خطط حقيقية و حكومات ظل و معارضة و لسان حق ، و ليست فقط بعض من القطط الناعمة التى تستقوى فقط على بعضها البعض ، حينما يتعطف الحزب الحاكم و يلقى لها ببعض المقاعد ، ليظهر أمام العالم - مدى حنية قلبه و رأفته بالحيوان - أقصد مدى ديمقرطيته و امتلاء المجلس بالألوان .

كأنها (نخبة) :
يهمها حقا توعية هؤلاء المصيرون الى أجل غير معلوم ، و لهم فى المناداة بالحق صولات و جولات ، و فعلوا فى أجيالهم أشياء و أشياء ، و ليس كل ما يهمهم و يعنيهم كاميرات الفضائيات و أن تتصدر أسمائمهم المقالات ، و هم فى الأصل لم يفعلوا شيئا الا الجلوس على مقاعد النخبة بحكم سنهم ذو الستين أو السبعين خريفا ، و كأننا قبائل و هم شيوخها .

كأنها (حركات سياسية) :
كل يوم تستقطب أعداد من الشباب غير المُسّيّس (لا يفقه شيئا فى السياسة) ، و تعمل على تهيئة الرأى العام ، و إنشاء جيلا يعلم حقوقه و يعلم كيفية نيلها ، و لكن للأسف ليس هى الا مجالس وصايا على المصريين ، لا يقرر فيها الا من أسسها و يحذون حذو النخبة و الأحزاب لا يعنيهم الا المشاركة فى الوقفات التى تُغطى اعلاميا ، أما العمل بالطرق العلمية الممنهجة لا يجد لديهم سبيلا و لا ملاذا.

كأننا (شعب) :
يتألم و يثور لما يعانى منه كل يوم ، و يعلم أن السجون لا تستوعب شعوبا و لكنها تستوعب أفرادا ، نقاطع و نرفض كل من حاول التحكم فينا ، نرى ما نعانى منه فى الفضائيات فتعلو وتيرة الغضب عندنا و لا يستطيع أن تجمح غضبنا العصى ولا الهراوات. و لسنا شعب فقط يئن بصوت منخفض على كل هذا البلاء الذى نعيش فيه ، خشية أن يسمعنا الجدار لأن له آذان تسمع و ألسن تنقل ، و لسنا خانعين ننتظر الخلاص بمعونة الهيه ، و نتمجلس أمام القنوات الدينية بالساعات لأنها (قنوات تأخذنا الى الجنة) و ليس أعمالنا و عقيدتنا !! ، و نتوهم أننا بذلك صرنا مؤمنين و أننا نصبر على البلاء راضيين و ليس خانعين ، نرجو رحمة الله و لا نفعل شيئا لنيلها ، و نرفع شعار "السائرون أمواتا".

و كأننى أكتب و كأنكم تقرأون !!!!!

و يا بشرانا لو كنا فى يوم من أولئك الذين يعقلون ..........


الاثنين، 20 سبتمبر 2010

وهكذا حالنا !!!!!

ذهبت فى يوم عطلتى الى إحدى معالم القاهرة الكبرى ، "سيتى ستارز" ، و هو مجمع للتسوق و الترفيه .أما التسوق فهو منغلق على الصفوة ، و أما الترفيه بالتفرج على المعروضات فهو من حق أى أحد ، كان شكله مهذبا و مهندما و سمح له بالمرور من البوابات.

كنت أسير فى ردهاته أتابع بعينتاى أم تلاعب ابنتها و أب يخاطب ابنه ، وشباب يضحكون و مراهقات تتابع بعينوهن كل شاب يمرق من أمامهن ثم أجد سريعا شفاههن متمتمة معلقات عليه ، و أحيانا ضحكة تصدر من إحداهن اذا كان الشاب مفتعلا فى لبسه و هيئته. كان هناك سؤال يدور فى ذهنى كلما لمحت عينتاى أحد : هل أنت راض/ راضية بحالك بالعيش هنا ، أم تنتظر فرصة للهروب ؟

عيون تجاوبنى و أخر كثيرات يرفضن ، و يفضلن الاسرار بالإجابة.

ذهبت الى صالة الطعام و أنا فى نفس الحالة ، سؤال يتكرر فى ذهنى و أنتظر الإجابة من العيون . لمحت عاملة النظافة تمر بجوارى ، و أصابنى وابل من الأسئلة حينها، ماذا تشعر به تلك المرأة البسيطة فى وجودها فى هذا المكان ؟، ما هى تطلعاتها ؟، كيف تستطيع أن تعود كل يوم من حيث أتت و تأتى فى النهار الآخر لهذا المكان ثانية ، الذى لا محاله يداعب كل شبر فيه أحلامها ؟ .

لم ألبث طويلا حتى انتفضت من مكانى ، و توجهت نحوها مباشرة ، ويكأنها مسألة حياة .... وكانت بالفعل هكذا . دار هذا الحوار بينى وبينها - اللهم الا ما سهوت من دون قصد :

أنا : سلام عليكم ممكن أأخذ من وقتك خمس دقائق ؟
هى: طبعا يا بيه اتفضل .
أنا : هسألك سؤال بس عايزك تأخذى وقتك فى التفكير و تردى عليا
هى : اتفضل
أنا : لو حد جابلك تأشيرة هجرة لأى دولة برة ، تسافرى ولا لأ ؟
هى : ....... اممم ( تفكير بعمق ، و حدقة العين تتحرك من اليمين للشمال )
بص يا باشا طبعا أنا مطحونة ويدوب عايشة فى البلد دى بالعافية و على قدّى قوى بس دى برده بلدنا اللى فيها أهلى و ناسى اللى بحبهم، مش بالساهل عليّا أسيبها كده و برده مهما كان أنا بحبها مهما قست عليّا .
هى : ... بس لو هروح فى حتة تلات أربع سنين ، يكون فيها المرتب أحسن و عيشة أحسن أكيد هوافق، أنا أم برده يا بيه و محتاجة أعيّش ولادى أحسن .
أنا : لكن هجرة دايمة لأ ؟
هى : هتبقى صعبة أوى يا بيه عليّا
أنا : طب لو جيت قولتلك ، فيه ناس عاوزين يغّيروا فى البلد دى ، و عايزين يخلوا أقل مرتب فيها ١٢٠٠جنيه فى الشهر ، و يضمنوا لعيالك تعليم بجد ، و تأمين صحى فعلا ، هتكونى معاهم ؟
هى : (رددت فى سرعة أذهلتنى حقا ، وبصوت متحمس و عالى ) طبعا يا بيه ، و أعمل اللى هما عايزينه ، البلد دى مليانة خير بس أهلها مش عارفين ، يا بيه دلّنى بس عليهم و مهما حصل أنا معاكم .
أنا : (بعدما غمرتنى إجابتها بالسعادة) إن شاء الله قريب آوى هجيلك و أقولك تعملى ايه ؟، ربنا يكرمك ، سلام عليكم .


اليوم ، نزلت لأشترى بعض الطلبات من البقالة ، أقسم بالله أننى تمسمرت مكانى من هول المفاجأة ، كيلو الطماطم = ٨،٩٥ جنيه !!!!! ، لقد وصل بمصر الحال أننا أصبحنا مثل الأردن و اسرائيل فى أسعار الخضروات والفاكهة ، هبة النيل تتساوى بمن يستورد مياهه بأكملها و لا يملك قطرة واحدة .

بالله عليكم ماذا تنتظرون ، فى نفس المجتمع امرأة بسيطة الحال تعى أن مصر مليئة بالخير و مستعدة أن تفعل أى شئ من أجل أن تعيش فيها معززة مكرّمة ، و أسعار تهلك المجتمع بأسره ، متى سيفيق هذا المجتمع من غفلته ؟، ماذا تنتظرون أن يحدث لتتحركوا ؟؟

دولة بها أعلى نسبة شباب (٤٠ مليون شاب) فى الشرق الأوسط و من الأعلى عالميا ، وهكذا حالنا !!!!!

دولة بها أطول شواطئ فى العالم ، و هكذا حالنا !!!!

دولة يتصل شمالها بجنوبها عبر نهر هو الأطول فى العالم ، وهكذا حالنا !!!!!

دولة بها صحراء (الصحراء الغربية) يقع عليها أكثر أشعة الشمس فى العالم ، و نستطيع أن نولد طاقة تنير أوروبا بأكملها ، وهكذا حالنا !!!!!

دولة كان بها أخصب أراض و تؤكّل العالم كله من خيراتها ، وهكذا حالنا !!!!!

هكذا حالنا !!!!! , لأن الصمت حليفنا ، و الجبن ضميرنا ، و الخنوع سلاحنا.

علمتم لماذا هكذا حالنا ؟؟!!!!!

السبت، 24 يوليو 2010

هكذا يريدوننا و هكذا نحن

كنت أقضى أجازة نهاية الأسبوع فى قريتى بالساحل الشمالى ، و تصادف وجود حفلة مطربى المفضل الفنان محمد منير بقرية مجاورة لى ،اصطحبنى الى هناك بعض أصدقائى المنيريين أيضا – المنيرى هو لفظ نطلقه على من يحب الفنان محمد منير و يحفظ أغانيه – و دخلنا الى الحفلة لنرى منظرا مهولا من التجمع البشرى الكثيف جدا جدا . صراحة أنا لست من هواة حضور هذا النوع من الحفلات ، و لكننى ذهبت لأراقب هؤلاء الشباب و الطليعة عن كثب فرأيت من العجاب أشياء و من ما يمقت الكثير.


ناهيك عن دخان الحشيش الذى استقبلنا مرحبا لنا و مسطلا لأكثرنا ، فكان هذا هو أقل نوع من أنواع الخمور تأثيرا و أكثره تواجدا ، ثم انغمسنا فى وسط الزحام و بدأت أصداء الحفلة و ظهر الفنان منير بصحبة الطلقات المضيئة و المفرقعات المبهجة ، فطار الجميع مهللين و منطلقين فى الغناء معه ، بدأت فى الغناء معهم و أراقب تفاعل الشباب و تصرفاتهم من حولى. لاحظت أن معظم من كانوا فى محيطى حاملين فى أيديهم زجاجات خمرة من أفخم و أغلى الأنواع و ليست زجاجات بيرة عادية على الأقل. بعد دقائق قليلة بدأ مَن بجوارى من السكارى فى الترنح و بدأت أنا فى الاستياء و الأسى على حالهم ، - والله لقد انفطر قلبى من ذلك المنظر – شباب كالأسود و لكن عقول كأحلام العصافير . فاجأنى منير بفاصل من الكلام عن التغيير و دعى الشباب لتغيير أنفسهم حتى يواكبوا عصر التغيير و يكونوا على قدر المسئولية، و لكن لم يكن هناك من الفايقيين الكثير ليستمعوا لكلماته. انتهت الحفلة بسلام ، اللهم الا بعض السكارى المتراميين على الرصيف ، مستلقين على ظهورهم لا يقوون على تحريك ساكنا .


انصرفت و أنا أرتب أفكارى و أسدد و أقارن بين هذا التجمع و أى تجمع آخر، سواء كان علمى أو سياسى. فى تلك التجمعات العلمية و السياسية: أولا من حيث العدد ، لا أجد فى أكثر الأحيان عائقا فى أن أحصيهم بعينى . ثانيا يكون متواجد معهم أيا كان عددهم ضعف عددهم مخبرون ، ثالثا إذا أصدر أى واحد فيهم أى تصرف لا يعجب هؤلاء المخبرون - من وجهة نظرهم طبعا- كانت النتيجة الحتمية هى التوجه للبوكس و البقية معروفة و محفوظة. رابعا و ذلك الأهم الاحتياطات الأمنية المبالغ فيها جدا ، كسيارات المفرقعات و المدرعات - والله مش ناقصة غير كاسحة ألغام تدهوس علينا و يخلصوا مننا للأبد - فهم يعاملوننا بنفس ثقافة المحتل فى مواجهة حركات التحرير . (الاسم برضه قريب ، التحرير و التغيير ولا ايه ؟) .


هذا ما أردت أن أوضحه ، إن أعمال التنوير و الإصلاح و نهضة الأمة ، أعمال منافية للأداب و مقلقة بالنسبة للنظام ، أما أعمال السُّكر و التغييب و التشتيت و اللامبالاة ، فهى أعمال عظيمة و جليلة تستحق أن يؤمّنها و يدعمها النظام بكل وسائل الأمان و لا يتدخل فيها و لا ينشر مخبريه حتى لا يُعكر مزاجهم . فهكذا يريدوننا و هكذا نحن !!!.....


عبدالله شلبى

07:58 مساءا

24/7/10

السبت، 10 يوليو 2010

ليست بأمى

سارح فى أفكارى ، أجلس وحيدا و حولى الكثير ، شارد الذهن ، أبحث عن حل لتلك المشكلة التى أوقعنى بها أبى و من قبله أجدادى . ثم بدأت أتأملها و هى تحيطنى كعادتها بذراعيها لتشغل بالى و لا تتيح لى الفرصة أن أفكر فى شئ سواها .

أراها تضحك مرة و تبكى مرات و فى كل مرة ترمقنى بنظرة عتاب و لوم ، تجعلنى أتقطع حزنا عليها و ينفطر قلبى من داخلى بالنحيب و البكاء على حالها، فأشعر بالدمع يجرى فى عروقى بدلا من الدم . و أسمع نحيب قلبها بداخلى يعلو و يعلو حتى أصبح كالأصم ، لا أستطيع أن أسمع شيئا غير صوت أنينها و هى تستغيث بى لكى أجد لها حلا فى الخلاص.

هم الذين فعلوا بها هكذا ، هم الذين كتبوا و أوصوا - من قبل أن أراها - أن تلتحق بمدرسة "داخلية " ، و لم يجدوا حينها غير مدرسة " عسكرية " ، فأوصوا أن تلتحق بها كى تنشأ و تتربى تربية سليمة . فعندما كنت أراها تكبر بين أحلامى و أدقق فى ملامحها كلما أغمضت عينى كنت أتوق شوقا لذلك اليوم الذى سأراها فيه على حقيقتها .

ثم جاء اليوم ، و يا ليته ما أتى ، رأيتها على حقيقتها ، رأيتها فى ثيابها الرثة ، رأيتها بجسدها الهذيل ، رأيتها فى كبريائها و هى تعامل أقرب الناس إليها معاملة سيئة كلها تهجم و استنكار ، رأيتها و هى تفتح ذراعيها نفاقا و خوفا لكل غريب ، رأيتها فى قمة قسوتها على الأطفال و الشباب الصغار ، رأيتها فى قمة ضعفها و هى تجرى علىّ تريد أن تهرب من حاكميها و لكنهم كبلوها بالأساور و الحديد كأنها صارت ملكا لهم ، رأيتها متمردة ، رأيتها مستبشرة ، رأيتها تائهة ، نعم رأيتها ، رأيت ابنتى الوحيدة ، رأيت مصر.

مصر التى كتب الله علىّ أن أكون أبيها لأرعاها ، و كم تمنيت أن تكون هى أمى لترعانى . مصر التى لا أستطيع أن أرمى طوبتها أو أتبرأ منها لأنها منّى و سأُسأل عنها فى يوم قريب . ابنتى الشقية التى أحاول أن أجد حلا لأخرجها من مدرسة العسكر ، لأمسح دموعها بيدى و أعيد تربيتها و أُحسن نشأتها من جديد . ابنتى التى أتشوق أن أراها حرة تكبر أمام عينى و تسمو و أعيد اليها بريقها و مكانتها ، الأن تكبر و لكن خلف الأسوار و مع الأسف أراها من بعيد . ابنتى التى نسيها أبى و أجدادى و فكروا فىّ أنا وحدى . لو كانوا يعلمون مدى آلامى و حزنى عليها الآن ، لعملوا لذلك اليوم ألف حساب و ما سلموها بأيديهم الى العسكر.

ابنتى التى دائما ينصحنى أقرب الناس الىّ أن أنساها و أفعل كأجدادى و أفكر فى نفسى ، ابنتى التى أصبحت سيرتها و مصلحتها تهديدا لأمن دولة . ابنتى التى اعتبرها بعض أشقائى ماتت و لم تعد تشغلهم أو حتى يفكرون فيها .


و لكن أقسم لك يا صغيرتى ، لتعودن لأحضانى عن قريب بل ستعودين لأحضاننا جميعا فما زال الخير فى الشباب و بالشباب، و لن أسمع بعدها إن شاء الله غير ضحكاتك المفرحة و سأنسى صوت أنينك و نحيبك اللذان يترددان فى أذنى الآن ......

صبرا يا مصر لم يعد الا القليل ... صبرا حبيبتى فأنت ملك لى من زمنٍ طويل .



عبدالله شلبى
١١ / ٧ / ٢٠١٠

١٠ :١ صباحا

الاثنين، 21 يونيو 2010

الخريطة المهملة (٣)

بعد مقالتى الأخيرة ، انهال علىّ سيل من الايميلات بين مؤيد و معارض ، و لعل جميعها كانت مشتركة فى شئ واحد و هو أن أعود الى رشدى و صوابى و أكف عن الحديث فى هذا الموضوع (الشائك) !!! . أعود لأسير مع السائرين ليس بجوار الجدار و لكن بداخله.

رسالة واحدة كانت من أجلى ، احتوت فقط على بعض النصائح التى جعلتنى أشعر أن هناك من ينقضنى ليرفع من شأنى و يجعلنى أكثر حمية و إقداما على توصيل أفكارى . كانت تلك الرسلة من أخى و أستاذى الشاعر الجميل / عبد الرحمن يوسف.
و كانت من ضمن نصائحه لى أن أوضح بعض الأشياء التى وردت بمقالتى السابقة ، و كما وعدته سأفعل الآن .

>>عندما تحدثت عن الأصوليين كنت أقصد السلفيين .

>> بالنسبة للإخوان أنا أتكلم عن تلك الصورة التى رسخت فى ذهن الألاف بل الملايين ، و هى أنه عندما يصل الإخوان للحكم ، ستعلق المشانق فى الشوارع و يعود زمن الخلافة و هكذا ، فأنا ألوم على الإخوان من الناحية السياسية لأنهم لم يأخذوا بفقه الواقع و لم يفعلوا كما فعل حزب العدالة و الكرامة مثلا ، لم يضعوا أجندة للوسائل المتاحة و أجندة للأهداف ، فى وجهة نظرى أنه ما دام اقترن اسم الإخوان بالإسلام فالغلطة مضاعفة لأن أى سمعة أو تصرف فإنها تقترن بالإسلام و ليس بأشخاص الإخوان (كما فعل أحمد عز فى حديثه على البي بي سي ، عندما شبههم بالحرس الثورى لدى إيران) هذا ما قصدته . ولكن الإخوان كعمل خيرى و اجتماعى لا غبار عليهم فهم حقا أغلبيتهم نماذج يحتذى بها.

>>أما بانسبة للملحدين ، لم أقصد أنهم يحرمون الزنى و لكن جرّب أن تسأل- (و قد فعلت) -أى ملحد هل تقبله على أمك أو ابنتك و استمع لإجابته !!

هذا ما يتعلق بالمقال السابق ، و أشكرك يا أخى العزيز على نصائحك الغالية .

فى مقال اليوم ، أريد أن أكمل سريعا تشريح المجتمع المصرى ليتضح لنا أفكار المحيطين بنا فنستطيع التعامل مع كل تلك الأفكار و دمجها و خلطها حتى نصل الى التغيير الذى نرجوه جميعا .

بعد أن تحدثت عن الإخوان المسلمين و السلفيين ، يتبقى فى المجتمع المصرى فئتين : العلمانيون و العازفون (عن الحياة السياسية) .

أما العلمانيون فكما نعلم جميعا هؤلاء الذين ينادون بفصل الدين عن الدولة . و هذا الفكر قد نشأ فى أوروبا فى أواسط القرن الخامس عشر بعد أن مرت أوروبا بفترة حالكة من الجهل و التخلف فى ظل حكم الكنيسة للشعوب ، و التى عرفت بعصر الظلمات . تم استيراد هذا الفكر من هناك لسببين :

الأول كان للتقليد الأعمى ، بعد أن نجحت أوروبا فى الخروج من عباءة التخلف و الجهل و بدأت الثورة العلمية تجوب معظم بقاعها وعرفت أوروبا مظاهر التقدم والرقى اللذان طالما حُسدت عليهما الدولة الإسلامية . و بعد أن أشرفت الدولة العثمانية على الانهيار بسبب استكانتها و اعتمادها على ما تركه الأجداد من علم فى العصر الأموى و العباسى فكان لا بد من تغيير الفكر السائد أو المسبب للانهيار و الرجوع ، فكان محمد كمال أتاتورك من أول المتبنيين و المطبقين لهذا الفكر .

السبب الثانى للمناداة بالفكر العلمانى ، هم تلك الجماعات التى اشتهرت بالتطرف و الجمود ، فخشى الكثير أن يصل أولئك للحكم ، فكان من الأدعى أن يسوقّوا للفكر العلمانى الذى جعل من أوروبا و أمريكا قبلتين للديمقراطية و المواطنة و التقدم ، حتى لا نعود فى يوم الى عصر الظلمات .

و كان كل يوم يتقدم فيه الغرب خطوة و نعود نحن للوراء أميال ، كانت الأجيال تنشئ منذ نعومة أظافرها مقلدة للغرب فى كل عاداته، و يكون أول الكلام ينطلق من أفواههم حينما ينضجون "العلمانية" ، هؤلاء الأجيال معذورون تماما . لقد ترعروا فى ظل دويلات هزيلة لا تستطيع حتى الاكتفاء الذاتى فى مآكلها، و على الصعيد الأخر يشاهدون الغرب يسيطرون على كل شئ حتى قرارات حكامنا، هذا من جانب . و من الجانب الأخر لم يجد هؤلاء الفتية فى يوم من يعلمهم تاريخهم و يغرس فيهم الفخر بأصولهم و دينهم . و ما هى الا أيام حتى صار الفتية رجالا ثم شيوخا ، و أصبح جل المجتمع السياسى ينادى بالعلمانية .

و أما العازفون عن الحياة السياسية ، أولئك من تعاملوا مع الاستبداد كأنه عيب خلقى، فلا اعتراض على حكم الله !!!
أولئك الذين أُرهبوا بمناظر التعذيب ، و القصص التى تُروى من حين الى آخر عن زبانية جهنم الذين فى المعتقلات و ما يفعلونه بالمعتقلين . أولئك زرعوا فى نفوسهم الخوف حتى يكون هناك مبرر على سكوتهم و ضعفهم . أولئك الذين اشتروا بحريتهم و حرية أبنائهم مفهوم تربية العيال من مأكل و ملبس و بعض التعليم المتخلف ، ففقدوا حريتهم و فقدوا تربية عيالهم . هؤلاء لا يدركون أن صمتهم هو الذى جعل هناك أزمة فى أنابيب البوتاجاز كل شتاء، و صمتهم هو الذى جعل الأسعار تطير الى الأعلى مع كل نهار جديد ، و صمتهم هو الذى جعل أموال ضرائبنا حِلٌّ للمسئولين ، فأصبح علينا الدفع و ليس علينا المطالبة بحقوقنا.

هذه هى فئات المجتمع المصرى من وجهة نظرى ، فكان علىّ تشريحها حتى يتسنى لى بسهولة التفكير فى كيفية دمج أفكارها، لبناء جسد واحد أستطيع أن أطلق عليه "عاصفة التغيير" ....



كيفية دمج الأفكار و بناء الجسد فى المقال القادم و الأخير (لهذه السلسلة) إن شاء الله .....

الأربعاء، 16 يونيو 2010

الخريطة المهملة (٢)

بدأت أكتب و أرصد أحوال هذا الشعب و كيف نبدأ أول طريق التغيير ، تغيير يلد نظاما ناجحا ، نظام يكون نموذجا للعالم أجمع ، نظام لا يشوبه خطأ واحد لأنه ليس من صنع البشر و لكنه أقيم بجهد البشر ....

و كانت أولى تلك الخطوات :

إن الدين الإسلامى يُستخدم الآن ليلعب دور (البعبع) الذى يخشاه الكثيرون ، بل و يُخَوف به الكثيرين ، و قد دأبت القوة الغربية و الصهيونية لدعم ذلك الفكر بكل ما لديها من وسائل و سبل ، و ما حقيقة تفجير برجى التجارة عنكم ببعيد (كتاب ألغاز ٩ /١١ - - إيان هالشيل) ، و تلك القوة الوهمية التى أطلقت من عدم حاملة اسم القاعدة و ما هى الا قاعدة من قواعد الأمريكان فى بلداننا الإسلامية ، و الحقيقة مكشوفة لكل متعقل فمن أين يأتوا بكل هذا الدعم المادى لشراء أحدث الأسلحة ، و لماذا لا يستهدفون الا المدنيين الذين دائما يكونوا مسلمون . و تلك الأكذوبة الواهية التى صُرف عليها الملايين لترسخ صورة الرجل الملتحى و المرأة المتحجبة فى أذهاننا بصورة الإرهاب.

ثانيا نحن نعانى فى داخل بلداننا الإسلامية - وأخص بالذكر مصر - من فئتين خطيرتين على الإسلام و المسلمين ، ألا و هما الأصوليون و الإخوان المسلمون.

لنبدأ بالأصوليون : لقد شاء الله و جمعنى بكثير ممن يطلقوا على أنفسهم أصوليون ، و الحق أن السلف أبرياء من أولئك جميعا . حتى لا أطيل عليكم سأوضح لكم بعض الأفكار الذين يتمتعون باعتناقها :

١ - هم يقولون أنه لا خروج على الحاكم ما دام مسلما ، و إن كان ظالما فلندعوا له بالهداية !!!
(وهذا يبين الاختلاف الواضح بينهم و بين السلف متمثلون فى خطبة تولية أبى بكر الصديق حين قال فيما معناه : إن أصبت أطيعونى و إن أخطأت فقومونى ، و لم يقل فادعوا لى)

٢- يقولون إن الأحكام الشرعية انتهت بإتمام القرآن الكريم و بموت الرسول (صلي الله عليه و سلم) فلا حرام الا ما حرموه و لا حلال الا ما فعلوه .!!!
(الدين لم ينزل الا لتيسير الحياة (إن الله يريد بكم اليسر) ، فكل شئ حلال الا ما حرم الله و رسوله ، و كل شئ مباح الا ما نهى عنه الله و رسوله، و سنجد دائما أن الحرام هو ما لا يتقبله العقل كشرب الخمر أو الزنى .... إلخ ، و لو أنك سألت أى ملحد (وقد فعلت) عن رأيه فى الزنى فسيرفضه لأنها فطرة الله التى فطرنا جميعا عليها . فهم بذلك الإعتقاد غلقوا باب الاجتهاد فى الدين و باب القياس و حرموا كل شئ جديد مع إضافته لقائمة البدع ، لذا فمن الأفضل لهم ألا يركبوا السيارة لأنها بدعة و يستخدموا الحمام الزاجل فى المراسلات لأن الإنترنت بدعة و كل شئ من حولهم الآن بدعة حتى الأسفلت الذى يمشون عليه)

ثم نأتى للفئة الثانية و هم الإخوان المسلمون :

١- هذه الفئة حقيقة تضم العديد من الشخصيات التى تنال الإحترام ، فمنهم كثير من المفكرين و العقلاء و الحكماء ، و لكن أيضا منهم المتاجرون بالدين ففى انتخابت مجلس الشعب وجدتهم يقولون أمام لجنة الانتخاب "اعطى صوتك لنائب الإخوان ، و اضمن مقعدك فى الجنة " ، بنفس معني (قعدنى فى البرلمان ، اقعدك فى الجنة ) و كأننا عدنا الى عصر الظلمات نبيع للشعب صكوك الغفران و بالتالى نبيع لهم الجنة !!

٢- لم نجد يوما على مر التاريخ تفاعل و مشاركة من جانب جماعة الإخوان المسلمون لحدث ما يهتم به الشارع المصرى حتى فى قيام ثورة يوليو (راجع : صفحات مجهولة -- محمد أنور السادات) ، اللهم الا انضمامهم للجمعية الوطنية للتغيير فى الوقت الحالى ، و لم نرى الى الآن نتائج انضمامهم !!

٣- لم نرى من جماعة الإخوان أى من أفكارهم تجاه حكم الدولة بالشريعة الاسلامية كما يرددون ، لا هم أقاموا حكومة ظل و لا أقاموا حزبا و لا صرحوا أبدا بأفكار ، اللهم الا إن كانوا يريدون أن يعودوا بنا الى عصر الخلافة و يكون نسل المرشد هو المنوط له بالحكم أبد الدهر !!

يجتمع بعض من الإخوان مع الأصوليون على فكرة أن الدين نقل و ليس عقل ، و لكن الدين نقل و عقل فإذا كنت تصلى و لا تعرف لماذا فلن تذوق يوما طعم الصلاة و ستتحول الى عادة دون المرور على مرحلة العبادة و كذلك فى الصوم و الحج و الجهاد و كل نواحى الدين . و إذا كان الدين يقتصر على النقل فأين نصيب أيات التفكر و التعقل التى نزلها الله فى كتابه من فكرهم ؟

٤- يدعوا دائما القطبين أن نحكم بالقرآن بلادنا ، و لكن القرآن لا يضع الدساتير و الفصول و البنود، و لكنه أسمى من ذلك بكثير ، فهو يضع الخطوط العريضة التى نتحرك من خلالها و لا نخالفها و لكن يترك الله و رسوله لنا وضع الفرعيات و الخطط و النقاط و كما قال الرسول صلى الله عليه و سلم (أنتم أعلم بأمور دنياكم) ، فنحن نفتقد الى العلماء الذين يجتهدون و يساعدوننا فى اقتباس العلوم من القرآن لتكون منهجا لنا و حجة بين أيدينا.

سيتحد ذلك القطبين و سيبذلوا قصارى جهدهم لإجهاض أى محاولة من فريق آخر للتسلح بعلوم القرآن و محاولة إحياء الشريعة الإسلامية و منهجيتها و وضع الإسلام فى قالب علمى يخاطب العقل و يكون قادر لمحاجاة أى علمانى أو ملحد، على أساس أنهم أولى بها ، و أن الدين نقل و ليس عقل .

و لذلك دائما أخشى أن تكون أولى النيران تُفتح فى وجه تلك النهضة و الفكرة نيران صديقة .


و للحديث بقية فى العدد القادم إن شاء الله


الاثنين، 14 يونيو 2010

الخريطة المهملة (١)

أرهقت .....
نعم ، أرهقت جدا من التفكير ، وجدتنى حزين و مهموم حتى بدأت أشعر أن قضية التغيير و زوال هذا الحكم الفاشل مسألة شخصية. أوراق كثيرة ملأت المكتب أمامى ، خطط ، خطوات ، بيانات ، شعارات ، تحيط بى حتى شعرت أن عقلى غير مستعد للتفكير أكثر من ذلك.

ارتميت فى أحضان كتبى المفضلة ثانية ، المسموع منها و المقروء ، كنت أحاول أن أريح عقلى من التفكير و أحاول أن أقنع نفسى أنها قضية شعب بأسره . ولكنه بكل حماس و حمية رفض و عاد يفكر من جديد و يبحث بين الكلمات التى أقرأها عن حل نبدأ منه.

كنت حينها أقرأ عن أحوال الجزيرة العربية قبل الإسلام، و يا لها من جاهلية و قبلية و مع ذلك كان هناك سمو و رقى فى الأخلاق لم يتوافر فى شعب سواهم . ثم انتقلت الى أحوال العرب بعد دخول الإسلام و كيف زادت أخلاقهم و معاملاتهم رقيا على رقيهم .

عجبت حقا من أمة تخرج من بين طيات الصحارى لتقود العالم بأسره ، بل و يعلو شأنهم على ملوك كانوا يفعلون لهم ألف حساب ، و مَن هؤلاء البشر الذين يفتحون الحصون و يراق دمهم فى أحيان أخرى فقط لينشروا حكم الله فى الأرض ؟، و ليس كما يدعى البعض أن الإسلام نشر بحد السيف . أناس كان شعارهم " إن الله ابتعثنا لنخرج العباد من عبادة العباد ، الى عبادة رب العباد ، و من جور الأديان الى عدل الإسلام " . أناس لم يفرضوا دينهم على أحد ، و لكن فرضوا العدل على كل أحد .

غلقت الكتاب ، و عدت لأجلس بين خططى و أوراقى و أرائى ، ثم أخذت ورقة بيضاء و جلست أفكر ، كيف نحن تائهون هكذا و بين أيدينا دستور خالق الأرض ؟ ، لماذا نبحث عن نظام شيوعى أو علمانى أو ديمقراطى من صنع البشر و لا نبحث فى كلام الله حتى نحكم بما هو أصلح لنا ؟ لماذا لا نؤمن بالآية الكريمة " إن الله يريد بكم اليسر و لا يريد بكم العسر " ، و نشعر أن أكبر مشكلة فى حياتنا هى كيف نعيش حياتنا ، الى متى سنظل ننظر الى ماضينا و نحن نأسى على حالنا ، و نتنهد و فى أحوال أخرى ينسدل الدمع من أعيننا .

شعرت حقا أننا مجموعة من التائهين فى الصحراء و معنا الخريطة ، و لكننا مُصّرين على أن نستعمل عقولنا فى الرجوع الى الطريق !!!!

حقا لقد ظلمنا الإسلام بأننا مسلمون ، لأن معنا أنجح و أسهل دليل لإنجاح و تثبيت عملية التغيير و لكن يحملها محاميون فاشلون ، يصرون على استخدام براعتهم و خبراتهم السابقة مع عدم قراءة حيثيات القضية التى بين أيديهم ، لذلك فى كل مرة نفشل .

لماذا نسينا مقولة عمر بن الخطاب الخالدة " كنا نحن العرب أذل الناس حتى أعزنا الله بالإسلام ، فمهما ابتغينا العز فى غيره أذلنا الله" .

بدأت أكتب و أرصد أحوال هذا الشعب و كيف نبدأ أول طريق التغيير ، تغيير يلد نظاما ناجحا ، نظام يكون نموذجا للعالم أجمع ، نظام لا يشوبه خطأ واحد لأنه ليس من صنع البشر و لكنه أقيم بجهد البشر ....

و كانت أولى تلك الخطوات :





البقية فى العدد القادم ان شاء الله

الأحد، 16 مايو 2010

أخشى من التغيير !!!

هذا العنوان لم أكن أتوقع فى يوم من الأيام أن يكون موجودا فى كتاب مذكراتى ، أو ترن كلماته فى ذهنى . و لكن ما دفعنى لأشعر بتلك الكلمات و جعلها تقفز الى عقلى حدث جمّ .

كنت جالس فى المقهى التى اعتدت الجلوس فيه مع حفنة من الأصدقاء ، و كان التلفاز كالعادة مفتوح على احدى قنوات الأغانى، لا أعلم ما الذى دفعنى يومها لمتابعة تلك الأغانى - فأنا لست من هواة تلك الأغنيات الهابطة - و لعل اسم الأغنية هو الذى استثار فضولى ،(العوو) ، فضحكت ثم سألت مستنكرا هل يعقل أن تكون أغنية اسمها العوو؟؟!!!

بالطبع سقط علىّ وابل من الهجاء و السخرية لأننى ليس على علم بتلك الأغنية من الأساس ، ثم تسمرت عندما بدأت مشاهدها تمر أمام عيناى المشهد تلو الأخر ، لم أرى فى حياتى أغنية تضم هذا العدد الهائل من الساقطات و ال..... (مش رجالة) ، أخذت أضرب كفا على كف، و قلت متسائلا: لماذا إذن تتكدرون عندما يدعوكم أحد ب "أحفاد فيفى عبده و عادل إمام" ؟

المصيبة أننى ظللت نصف ساعة كاملة أشاهد كليبات لا تمت للموسيقى و لا للغناء بأى صلة ، ما هى الا وصلة من العرى و الردح ، و المقلق أن معظمها - ان لم تكن جميعها - محفوظة.

كنت أسمع عن ظاهرة أبو الليف ، و لكن يومها سمعت له أغنيتين كانتا يكادا أن تصيبانى بالجنون ، ما تلك الإسفاف و الهبوط الذى وصلنا له، إن المشكلة حقا هى الأجيال الجديدة ، التى لا تجد أمامها غير أبو الليف و العوو و أمثالهم فى التلفاز و الراديو . إن هذه الأجيال ترى عمرو دياب و محمد منير و أنغام من مغنيين الزمن الجميل (:

ثم عندما أتمعن فى المجتمع أكثر أجد فئة أخرى أدعوها بـ "المتأسلمين و المتقبطين" تلك الفئة لا تفهم دينها بشكل صحيح ، كل ما تفعله أداء الفرائض و ليس إقامتها - و الفرق كبير بينهم (ابحث بنفسك لتعلم الفرق) - يأخذون من الدين ستارا و يشرعون ما يحلو لهم ، و الأرذل أنهم يكفرون من يعترض عليهم .

نحن الآن يا من نريد التغيير ، التغيير خطر جدا فى هذا الوقت الراهن و تلك الظروف المحيطة ، الرقعة الأكبر من الشباب هى من محبى "العوو" و " هطلع عينك لو خنتينى " و "الكويرك" و "أصحاب تقصير البنطال " و " أبناء الكنيسة الذين يذهبون هناك لتعليق البنات"، و لكن أيضا هناك شباب واعى و مدرك و لكن للأسف قليلون ، و هذا خطر أن يحدث بهم تغيير .

لأن التغيير إذا لم يجد من يحافظ عليه لن يكون الا تغيير مرحلى ، بمعنى آخر إذا لم يلبث الرسول (ص) ١٠ سنوات فى مكة يربى الأمة التى ستغير وجه التاريخ و تَسرّع فى انشاء دولة اسلامية لم يكن سيصل يوما الى ما وصل اليه ، وكان من المؤكد أن تلك الدولة ستنهار سريعا إذا أصلا قامت لها قائمة . نحن نريد مَنْ نُربى على يديه من جديد و نربى أنفسنا و مَنْ حولنا اذا ابتغينا يوما تغييرا حقيقيا ننهض فيه بمصرنا الحبيبة ، و أنا أعلم تماما أن الوقت قد حان ليظهر من بيننا مربيا لنا .

و أختم بمقولة عبد الرحمن الكواكبى " ما بال الزمان يضن علينا برجال ينبهون الناس ويرفعون الالتباس ، ويفكرون بحزم، ويعملون بعزم ، ولا ينفكون حتى ينالوا ما يقصدون."




سننهض يوما لا تقلقوا ... و لكن بأناس قد أدركوا



الأحد ١٦ مايو ٢٠١٠
٠٩:٠٣
مساءا

الأربعاء، 28 أبريل 2010

حريم الفراعين

ذهبت فى يوم إجازتى ، الى المقهى التى تعودت على ارتيادها لأقابل أصدقائى . و كعادة المصريين لا يخلو كلامهم من الكورة ، أو السياسة . و بما أن لا يوجد هناك عمار بينى و بين الكورة فأصبح حديثنا سياسيا . بدأنا الحديث عن الحراك السياسى الحاصل فى البلاد ، و عن فكرة بيع مصر بالكامل فى صورة سندات ( عشان يلموا القرشنات و يخلعوا بيها) ، و عن فترة النقاهة التى تأخذها البلد بكاملها بسبب عملية جراحية لمواطن واحد .

و تحدثنا عن البرادعى و لمّه لشمل المعارضة فى جبهة واحدة ، و بيان التغيير الذى يظنه بعض المصريين أنه لا قيمة له و البعض الآخر أصاب بحالة ذعر عندما اكتشف أنه سيكتب اسمه بالكامل و رقم بطاقته .

لكن كان يحدث شيئا غريبا فى المقهى يومها ، كان يستأذن (كل دقيقتين تقريبا) واحدا أو اثنين للجلوس معنا ، حتى أصبح كل الجالسون فى المقهى يومها فى دائرة كبيرة باتساع المقهى بأكمله ( كنا نزيد عن ال ٤٠ شخص ) . اللهم الا رجل عجوز يرتدى زيا صعيديا بقى جالسا وحيدا.

انقسم كالعادة الجالسون كلهم بين مؤيد و معارض لفكرة الإمضاء على البيان و حول البرادعى بشخصه ، ولكنهم جميعا اتفقوا على شيئين كادا أن يتسببا فى رفع ضغطى :

أولا : عدم الإمضاء على بيان التغيير ، خشية رد فعل الأمن !!!! ( وكأنهم يوثقونه فى الشهر العقارى و ليس فقط على الموقع)

ثانيا : أنهم جميعا مع فكرة التغيير و أن لا مفر منه ، و لكنهم (و أسفاه) ليس مستعدون لعمل أى شئ غير التأييد بالقلب ، و مبررهم الوحيد (احنا ٨٠ مليون مجتش عليا أنا !! ) و لا يعلمون أن ال ٨٠ مليون كلهم يقولون نفس الكلمة.

هممت فى الانصراف ، بعد أن حاولت أن أشرح لهم أن مستحيل أن تؤخذ الحقوق بغير سعى ورائها ، و أننا جميعا مشتركون فيما يحدث لنا و ليس لنا حتى الحق فى الشكوى ، الا إذا فقنا من غفلتنا و قمنا مطالبين لحقوقنا و مستقبل أولادنا و بلادنا.

و أنا فى طريقى نحو الباب ، سمعت صوتا ينادى من خلفى " يا ولدى ، يا ولدى " ، فالتفت فإذا بالرجل الصعيدى العجوز يشير الى أن أذهب اليه . و بالفعل ذهبت اليه و قلت " اؤمر يا جدى" ،
(سأكتب كلام الرجل العجوز كما قاله لى بلهجته بالضبط )

فتبسم و قال " تسمحلى أتحدد معاك اشوية "

فقلت له و أنا أجلس " ده شرف كبير ليا"

فقال بعد أن أخذ نفسا عميقا " لسّانا يا ولدى فراعين ، معانا موسى بس برضك خايفين ، و مش هتجوم لنا جومة غير لما نبجى مُسلمين ، مُسلمين يا ولدى بحق ، مُسلمين مِسلمين أمرنا لله من قبل و من بعد ، ساعتها بس يا ولدى هتلاجى شعب غير الشعب، و حقنا هيرجع لينا بإيدينا مش رايحين نشحته من الغرب . والغرب مالهم و مالنا ، ما همّا فرحانين اكّده بحالنا ، طول ما انت محتاج لهم فى الآكلة و الهدمة همّا جاعدين فى نعيم ، هو احنا بقينا نصنع فى بلادنا غير شوية حريم !!! ، أيوة حريم يا ولدى متستغربش من أكبرنا لأصغرنا بقينا كلنا حريم ، المهم عندنا ناكل و نلبس و نربى عيالنا ، لكن رجالتنا يا إما ماتوا يا إما مسجونين ، مش برضيك الحرمة عندكم عليها انها تسمع الكلام و متعارضش ، طب لما شعب و حكومة كلهم ينفذوا الكلام و ميقدروش حتى يعارضوا ، ويمشوا من الخوف مداريين و وشهم فى الأرض ، مش اكّده برضيك صفات الحريم ؟!! ، و كل حرمة إهنه تخاف من الحرمة الأكبر منّيها ، لكن فى الأخر كله بيسمع كلام الرجّال اللى ماسكين زمام الأمور فى العالم كلاته (كله) . مش برضوا بيجولوا مصر أم الدنيا ؟!! تبجى حرمة و لا لأ يا ولدى ؟؟؟؟!!!!!

نصيحة يا ولدى و انت ماشى فى الطريج الوعر دِه ، أول متلاقى راجل صُح اكّده زيك تمام ، حط يدك فى يده عشان تبجوا أجوى و صوتكم أعلى ، و أوعاك فى يوم تخاف من مخلوق ، طول ما انت ماشى في سكة الحق ، عشان الحق لوحده اللى قادر على كل الخلق "......

فانصرفت بعدما احتضننى بشدة ، و رفض أن يتركنى أقبّل يداه ....

الاثنين، 12 أبريل 2010

حكم العساكر

أخذنى القدر الى مكان جديد ، ليزداد عشقى و ليزود من حبى لبلاد طيبة . أصبحت أؤمن أنها محتلة ، و أنها لم تتخلص بعد من بطش و اغتصاب المحتل . و يا له من إحساس عندما يهينك ضناك ، أو يحجر عليك فلذة كبدك ، أو يورثك و أنت ما زلت حيا.

ذهبت الى وادى الريان بالفيوم ، حيث الشلالات العذبة التى تصب فى البحيرة المالحة ، و حيث الطيور المهاجرة التى تتفاخر بألوانها ، وحيث الشمس الناعمة التى تتأنى و تتلطف و هى ترسل أشعتها الذهبية.

و ذهبت أيضا الى وادى الحيتان ، لأجد فى انتظارى آلة الزمان تعود بى ٤٠ مليون سنة للوراء ، و تجعلنى أسير فى أعماق بحر مسافة ٤،٨ كم ، لأرى من حولى الحيتان بأحجامها الضخمة متحجرة ، و أسماك و كائنات أخرى كثيرة . و أرى جبال من الشعاب المرجانية ، و أسير بقدماى فوق قواقع و محار لا حصر لها . و ناهيك عن المعادن الناجمة من جفاف ذلك البحر .

انفصلت عن الفوج و صعدت وحيدا شارد الذهن ، الى قمة جبل من تلك الشعاب ، و أخذت أبث همّى و حزنى الى الله ، على تلك الثروات المهدرة ، و تلك الشابة التى شابت قبل آوانها من أفعالنا و من اهمالنا و جهلنا . فأنا لم أسمع من قبل عن تلك الأماكن و لا عن تاريخها ، شعرت للحظة أننى مهاجر فى بلدى أو ربما عابر سبيل أكتشف بمحض الصدفة أماكن يكاد أن تذهب من جمالها العقول . تاريخ يتحدث عن نفسه و يثبت للإنسان فى كل لحظة ضآلة حجمه و قدرة خالقه .

و بينما أنا حزين و سارح فى كل ذلك الجمال من حولى ، جائنى طفل كان معى فى الفوج و همس فى أذنى " لماذا تجلس وحيدا؟" ... فجاوبته "لأننى مهموم" .... فسكت قليلا ثم قال " هل تعلم أن هذا المكان لو كان فى أى دولة كان كفيلا أن يدخل لها ملايين ؟ " لماذا لا يعلنون عن تلك الأماكن ؟" ...

و غلى الدم فى عروقى و كدت أن أنفجر من الغيظ عندما تذكرت إعلانات السياحة فى مصر التى لا تظهر شيئا غير بعض الكباريهات و الراقصات ثم ينتهى الاعلان بجملة " مصر متتنسيش " و هم يقصدون " نسوان مصر متتنسيش" ، و الإعلان الآخر الذى نرى فيه الكاميرا تجوب شوارع و كبارى مصر مظهرة مدى زحامتها و اختناق شوارعها و ينتهى هو الآخر بجملة "نورت مصر" و هم يقصدون أيضا "متزحمش مصر" أكثر من زحمتها .

ثم تمالكت أعصابى بقدر ما استطعت و جاوبته قائلا " المشكلة فى حكم العساكر اللى احنا عايشين فيه ، الناس اللى ماسكيننا متعلموش حاجة غير صف و انتباه ، ان شاء الله لما نأخد بلدنا تانى منهم أكيد اللى هيحكمنا ساعتها ان شاء الله علماء و ناس بتفهم ، ساعتها بس هنلاقى اللى يعرف يعلن عن الأماكن دى "

و فوجئت بيده الصغيرة تمتد نحو وجهى ، و تمسح دموعى التى لم أستطع أن أتمالكها هى الآخرى ......


عبدالله شلبى
٢٠١٠/٤/١٣
٠٩:١٧ م

الثلاثاء، 30 مارس 2010

الجهل و التسويق

آصبحت لا أعلم حقا هل أنا الذى أبحث عن الهموم ؟ ، أم هى التى تبحث عنّى . و لكن أصبح بيننا علاقة وطيدة فى الفترة الأخيرة ، أزداد حبا لها كلما استطعت حلها .
كنت جالسا أشاهد فيلما أمريكيا ، كان فى بدايته مشوقا ، و لكن ما طال هذا التشويق حتى انقلب الى هموم تتكاثر كلما توالت المشاهد . لقد أخذ الفيلم مسارا آخر ، أخذ يعرض المسلمين كأنهم "دراكولات" تمشى على الأرض، عطشى للدماء ، لا يفقهون فى شئ الا التهليل و التكبير ثم بعد ذلك التدمير ، لا يعلمون شيئا عن الانسانية ، يخيل لهم أنهم امتلكوا الجنة مهما فعلوا ، و أرخص شئ عندهم هى أرواحهم .

أما عن ملامحهم ، فهى كئيبة مرعبة ، عبوسي الوجه ، فظى الطباع ، خشنى المعاملة ، عديمى القلب ، لا يعلمون معنى الرحمة و لا الشفقة ، و أما عن أخلاقهم فحدث و لا حرج .

انتهى الفيلم ، و انتصر الأمريكان على أولئك "الدراكولات" و طهروا البلاتوه من جنسهم الى الآبد . كان الغضب قد وصل الى أوجه لدىّ . و حاولت أن أستجمع أعصابى قليلا ، و جلست على مكتبى متظاهرا الهدوء ثم سحبت ورقة ، وبدأت أكتب و أفكر .

لماذا يصوروننا فى هذا المنظر؟ ، أما فينا علماء مثلهم ؟، أما فينا حكماء و أدباء؟ ، أما يجرى فى عروقنا مثلهم دماء ؟
ثم وجدتنى أجيب تحتها : "نحن من فعلنا بأنفسنا هكذا". نعم ، كل هذه الأحداث لم يكن لها وجود قبل أحداث ١١ سبتمبر ، حينها وقفنا جميعا مهللين نشفى غليلنا بدماء أولئك الأبرياء ، و قد قال معظمنا فى نفسه و أنا أولكم "ذوقوا ما نذوق و لو لمرة". و لم ننزل الى الشوارع متظاهرين ، منددين بما حدث . و أتذكر حينها قامت القنوات الفضائية الاسلامية باطلاق مشايخها ليزايدوا بعضهم على بعض فى الحديث عن نتيجة ظلم الأمريكان و قضاء الله و قدره ، و أن الله يمهل ولا يهمل . و كأن الحادثة ناتجة عن عوامل طبيعية . و فريق آخر بدأ الحديث عن النصر المبين و كأن الجيش الاسلامى عاد من جديد ليفتح أمريكا .

و نسى الفريقان أساس الدين الاسلامى ، و أن قتل النفس بغير حق من الكبائر التى لا تغتفر . و إن كان جنديا محاربا أعزل من السلاح .

لننحى جانبا أحداث سبتمبر ، مع أنها هى الأساس .

اذا نظرنا الى أحوالنا عن كثب فسنجد أن عندما يأتى الينا السياح من كل بقاع الأرض و يروا التخلف الذى ما زلنا نعيش فيه ، فلهم الحق أن يصورونا بهمج ، فنحن نعيش فى وسط مقلب كبير من القمامة ولا أحد يبالى . عندما يأتى كل عام أسماء الدول الإسلامية على رأس قائمة الدول الأكثر جهلا و أمية ، فلما أحزن . عندما أجد الرجل طالقا للحيته متظاهرا بالإسلام و يطلب الرشوة ( إكرامية) فعلى ماذا أحزن ، و عندما أجد شباب أمتى ليل نهار على المقاهى جالسين بلا هدف و لا أمل ، فكيف أحزن. و عندما أجد أنه من النادر جدا بل و أصبحت أسطورة أن تجد واحدا يقرأ كتابا و نحن أمة "اقرأ" فكيف أحزن. و عندما يستشرى الانحطاط الأخلاقى فى كل مكان ، هنا أرجوك دعنى أبكى و ليس فقط أحزن .

و نسينا أن الدين الاسلامى كان أساس تسويقه و نشره هى أخلاق الصحابة و المسلمين الفاهمين لدينهم . فاذا رجعت لكتب التاريخ ستجد أن معظم يهود يثرب أسلموا لحسن معاملة الصحابة و أخلاقهم، حيث كان الصحابة كلما فعلوا شيئا محمودا ، سألهم اليهود "أيأمركم دينكم بهذا" فيقولوا بلى . و كذلك أهالى بلاد الفتوحات كانوا يدخلون فى الاسلام بسبب أخلاق الفاتحين و فهمهم لدينهم حق الفهم .

نحن كل ما ينقصنا الآن هو فهم ديننا ، و فهم كيف نسوق له بأخلاقنا و أدابنا و معاملتنا ، نحن نريد أن نفيق من غفلتنا ، نريد أن نعلم ما هو الهدف حقا من خلقنا ، لماذا نصلى ، لماذا نصوم ، نريد أن نفهم حقا كيفية التعامل التى نص عليها الإسلام ، و أفكار المواطنة التى انعدمت ، نريد أن نفهم الفرق بين طاعة أولى الأمر و التسليم السلبى لمن يخفق بنا و يقودنا نحو التأخر و الذى يجب الخروج عليه ، نريد أن نتعلم الأداب العامة كالنظافة و خفض الصوت أثناء الحديث و احترام حق الطريق . نعم نحن نريد أن نُبنى و نُربى من جديد .

لذا فعلينا أن نعود و نقرأ تاريخنا لنتعلم و نعلم من كنا ، حتى نستطيع أن نعى الى أين وصلنا و كيف صرنا ، عودوا معى أرجوكم و أنا أولكم لنبدأ معا رحلة كفاح من جديد ، رحلة بناء أمة ، رحلة استعادة ، أقسم لكم أن الطريق سهل و معروف و لكن أإنعدمت الهمم ؟ أإنقطعت الأمال ؟ أضاقت الصدور ؟ أعمت القلوب ؟

و لكن لا ، أعلم و كلى يقين أننا أمة ولادة و سيأتى منكم من يحمل معى على عاتقه مهمة إفاقة هذه الأمة ، و أعلم أيضا أن الله لن يخذلنا أبدا .....

عبدالله شلبى
٢٠١٠/٤/١
١:٣٢ ص

الاثنين، 29 مارس 2010

الانهيار المبشر

بعد أن هدأت الأنام و سكنت الشوارع الزحام ، ولم يبقى سوى السهارة و الهمسات الممتلئة بالحديث عن الأيام . نزلت من بيتى لأتجول فى شوارع قاهرة المعز سيرا فى ذلك الظلام الدامس.

كنت يومها مهموما جدا ، و كدت من ضيقى أن أنفجر ، ما لهذه البلد لا تفيق من كبوتها؟ ، لماذا نتدهور صامتين ؟ ، لماذا نعود الى الوراء راضين ؟، لماذا تهان كرامتنا قابلين؟ ، لماذا ننظر الى المستقبل خائفين ؟، و لماذا ننظر الى ماضينا بكل ذلك الحنين ؟، لماذا نسير أمواتا و نحن مازلنا صاحين ؟، لماذا أرانا كقوم موسى فى ذلهم و أصبحنا لرسول منتظرين ؟، لماذا تأسين علينا يا مصرنا و نحن بك فخورين؟ ، أنهون عليك و ما لنا سواك ؟، لماذا تتركين شبابك يفقدون أرواحهم على ضفاف الشواطئ هاربون ؟، و لماذا لا تحافظين على بناتك من بغاء هن له كارهون ؟، و لكن ما قربوه الا حفاظا على اخوانهن المساكين، لماذا تتركى أبنائك ينهشون فى لحم بعضهم البعض جاشعون ؟، على فتات مال ما هم له فى قبورهم بآخذين . و ما بك لا تأسى على غربة أباء لأبنائهم تاركين ؟، و وقفتى تنظرى بلا حياء على علاقة أبوة أصبحت عطف بمال على يتيم .

أخذت كل تلك الأسئلة تدور فى ذهنى و وجدت قدماى قد أخذانى الى أكثر منطقة أعشقها ، وسط البلد ، لأمشى فى شوارعها الواسعة الخالية المرشوشة بالمياه ، لأرى محالها المغلقة ، و أعمدة النور التى هى خير شاهد على أزمان ولّت و أزمان آتية. و كأن مصر تتجسد و تكلمنى وحدى و تثبت لى فى كل خطوة أنها ما زالت جميلة ، و لكن نحن من نعيبها . رأيت
المعمار الانجليزى و الايطالى يقفان شامخان يثبتان لى أننا أكبر عيب و وصمة عار على جبين تلك الشابة النقية " مصر ".
لقد قدروها حق تقديرها و خططوها و جملوها و ما كانت ملكهم و نحن من نملكها فعلنا فيها هكذا.

وجدتنى أقف أمام قصر عابدين لينظر لى هو الآخر بنظرة المليم ، و ينطق بكل عزة أنا تركى الأصل أنا مسكن السلاطين ، فماذا بنيتم أنتم يا مصريون ؟. نعم قلها و لا تخف ، بنينا العشوائيات و بنينا أكبر جراج للسيارات و أطلقنا عليه "المهندسين" ، نحن الذين جعلنا تحت كل كوبرى مرحاض عام ، و نحن من لم نخاف من حديث رسول الله حين قال " احذروا الملاعين ".

و لكن بعد كل هذا الفساد ، و بعد أن اقتربنا من الانهيار التام . فرحت ، نعم فرحت ألا يأتى بعد الليل فجرا. إنها سنة الله فى الأرض أن نفيق و نستعيد مجدنا بعد أن نندهس بأخطائنا. و لكننى خفت ، خفت ألا أكون ممن سيبنونها ثانية ، خفت أن أكون حجزت مكانى فى صفوف من سيلعنهم الأجيال القادمة ، ألا تلعن الآن أخراهم أولاهم ؟؟ ، و سدلت دمعة من عينى أغرقتنى فى بحر آخر من الهموم ، ماذا أفعل حتى أفيق هذا الجيل لنكون نحن أول المصلحين ؟؟

أنا أريد أن أكون من المصلحين ،، أأنت معى أم ستتركنى أنتظر وحدى إن شاء الله الآتيين ؟؟؟!!!!

عبدالله شلبى
٢٠١٠/٣/٣٠
١٢:٣٧ ص

الأحد، 28 مارس 2010

قلبة مخ

كنت جالسا فى احدى محاضرات مادة " تشريح المخ و الأعصاب "، مستمتعا بكل ما يقال . حيث وجدت أن عظمة الخالق ، أراها تتجلى أمام عينى فى خلق ذلك العضو المعقد جدا فى الجسد ، و الذى بات كالصندوق الموصود أمام جميع علماء الطب، و لم يستطع أحدهم فك شفرته الى الآن بالرغم مما توصلوا اليه من تقدم فى العلم.

قال الدكتور جملة - محاولا تبسيط الشرح لى - دوّت فى أذناى كالطلقة ، حيث قال " كل حاجة فى المخ مقلوبة ، اليمين شمال و الشمال يمين".

قالها من هنا و سرحت أنا الى عوالم أخرى من هنا، متأملا فى هذه الجملة الخطيرة ، التى تحمل على عاتقها فلسفة الحياة بأكملها، و القمة التى يصل اليه جميع الفلاسفة و الشعراء و الحكماء .

أرجعنى الدكتور من تيهتى ، و سألنى مبتسما" ايه يا عوباد ، روحت فين ؟"، فرددت عليه " انت عارف إن الجملة دى قوية آوى "
قال " ازاى؟؟ " ،

فقلت " إن النفس يصعب عليها أن تتحمل أداة الطاعات ، و لكن من دواعى سرورها أن تفعل الموبقات . و إن مجاهدة النفس هى فقط أن تجاهدها عن كل ما تشتهيها ، حيث أنها لا تشتهى دائما الا المحرمات ، لذا فإن كل حاجة فى المخ مقلوبة ، اليمين شمال و الشمال يمين ".....


عبدالله شلبى
٢٠١٠/٣/٢٨
١١:٤٤ م

السبت، 27 مارس 2010

ستاند آب ... للعولمة

صحوت من النوم أمس ( الجمعة ٢٠١٠/٣/٢٧)، مقررا أن أفعل شيئا جديدا، و بالفعل بعد تفكير و بحث عن شئ أملأ به اليوم، قررت أن أذهب الى حفلة ال ( ستاند آب كوميدى ) التى أقيمت فى قاعة المؤتمرات.

ذهبت و يسر الله لى أن أجد تذكرة - حيث كانت الحفلة ممتلأة بأكملها - من غير معاناة . كنت فى الواقع ذاهبا الى تلك الحفلة معتقدا أن من سيقيمها هم الشباب المصرى ( جورج عزمى و أقرانه)، و لكن ما أن أمسكت بورقة الدعاية للحفل، اكتشفت أنهم أناس لم أسمع عنهم من قبل ( أحمد أحمد - شوجار سامى - دين عبيد الله و آخرون)، توقعت من أسمائهم أنهم أيضا مصريين، و تلك الأسامى هى للشهرة فقط . بل اكتشفت و أنا على باب الحفل أنهم جميعا أمريكان . تفائلت خيرا حيث أننى من محبين الكوميديا الأمريكى فى هذا المجال على الآخص .

بدأت الحفلة، و كانت ممتعة جدا و الضحكات تعلو ، و (القفشات) جميلة جدا، و لكننى بعد فترة قليلة قررت أن أمعن التركيز فى كل كلمة يقولونها. و حدثت المفاجأة كما توقعت بالضبط، لقد بدأ يأخذ الكلام طريق آخر غير الذى كان عليه، ألا و هو طريق العولمة.

أعلم أنك تتعجب من علاقة ال (ستاند آب ) بالعولمة، و لكن سأبدأ معك من البداية:
أولا العولمة هى كلمة مشتقة من كلمتين معا ( العلم - الهيمنة) أى ( علم الهيمنة) ، و هى هيمنة الثقافة الأمريكية فقط على كل ثقافات العالم الآخرى . و يجب أن نعترف أنهم نجحوا بل و تفوقوا فى ذلك بشدة . و هدف العولمة هو تصدير الثقافة الأمريكية بسلبياتها و إجابياتها لكل بقعة من بقاع الأرض ، حتى نكون جميعا عالما واحدا أى عالما أمريكيا.

نعود الى الحفلة:

بدأ الكلام كما قلت ، يأخذ اتجاها آخر غير الذى كان عليه . أولا بدأ بالسخرية من أفكارنا (الرجعية) عن فكرة المواعدة أو الصداقة الحميمة بين الشاب و الفتاة . ثم دخل واحدا آخر و بدأ فى السخرية من نقطة أخرى ألا و هى اعتقادنا (العجيب) عن الخمر و أنها حرام، مبررا كلامه أن له صديق مسلم لا يحتسى الخمر، و كلما جلسوا جميعا هو و أصدقائه يشربون الخمر ظل هو - المسلم - جالسا كالأبله و لكهنم يكونون فى حالة من الضحك و النشوة . ثم دخل بعده واحدا آخر ليلطف الأجواء و يهدئ اللعب قليلا، فبدأ يتحدث عن معاناة المسلمين فى أمريكا و صورة الإرهابى التى تثبت على أى شخص طالقا للحيته حتى و لو كان ملحدا.

وجاء فى آخر الحفل واحدا - كان قد سبقه اثنين آخرين لم يقولا شيئا ملفتا - إيرانى الأصل ، و لكنه أخذ يضرب على نقطة ملتهبة بكل ما أوتى من قوة، ألا و هى إيران و وضعها العالمى الآن . بدأ بالسخرية من ديمقراطيتها ، ثم من شعبها ، ثم من رئيسها ، ثم من الخمينى نفسه ، ولم يسلم بالطبع تطورها التكنولوجى فى مجال الحرب و النووى و الأقمار الاصطناعية.

أصابنى فى الدقائق الآخيرة ، دهشة و خوف معا. الدهشة مما تسمعه أذناى من فكر موجه و مدروس و محكم . حيث أنهم يعلمون تماما أنهم يتكلمون الى صفوة الشباب المصرى (ماديا و علميا) . و الخوف أن كل تلك الشباب كانوا يضحكون مما يقال، لا تستعجب ففى علم النفس معروف أن عندما تتحرك مشاعرك - مع أى حدث - الى مشاعر فرح أو مشاعر حزن فهذا معناه أن عقلك الباطن تقبل هذا الكلام (الحدث) و رسخ فيه مصدقا عليه.

عدت الى بيتى مهموما و الأفكار تكاد من كثرتها أن تشق دماغى الى نصفين . أعلم أن أمريكا دولة مؤسسات و أنهم لا يأخذوا أى خطوة الا بعد أن يدرسوها على أكمل وجه ، فبدأت أتساءل هل هذه الحفلة و كل تلك الدعاية و المصاريف و التكاليف فقط للتسويق عن ( منتج " كيك " جديد ؟ ، هل كل هذا السيناريو المحكم من قبل المتكلمين كان ارتجاليا و غير مدروس؟ ، هل هو اعتباطيا أو صدفة أن يكونوا معظم المتحدثين مسلمين ؟

قصصت على والدى ما حدث ، و طرحت عليه تلك الأسئلة ، فاضطرب هو الآخر و رأيت فى عينتيه علامات الحزن و الآسى .

فى نهار اليوم التالى، صحوت مقررا أن أبحث عن كل المعلومات التى تخص شركة " ايديتا " لعل ذلك ينفعنى فى الإجابة عن تلك الأسئلة. و كان بالفعل ، اكتشفت أن شركة "ايديتا " هى تابعة لشركة " هوستس العالمية" الذى يرأسها حاليا " كريج د. چانج ". هذا الرجل فى عام ٢٠٠٠ كان رئيسا لإحدى الشركات التابعة لشركة " كوكاكولا" و هو صاحب قرار دعم كوكاكولا لإسرائيل مباشرة بحصة ثابتة من الربح أثناء تدهور اقتصادها بسبب الانتفاضة ، و هو أيضا الذى رأس شركة " بيبسى" اليهودية بعد ذلك.
بدأت أجد أجوبة مقنعة على أسئلتى ، إن هذه الحفلة لم تكون لدعاية عن المنتج فحسب ، فإنها دعاية للسياسة الأمريكية فى الأصل ، لم يكن السيناريو بالطبع ارتجاليا فهو مدروس و محفوظ و موجه، و فكرة أن يأتوا أشخاص لهم أسماء مسلمين يتحدثون عن أمور فى العقيدة ما هى الا خطة لتذويب أى حاجز جليدى بيننا.

دخل علىّ والدى و عيناه تملأهما الغضب و أنزل علىّ سيلا من الأسئلة ، لماذا لم يتكلموا عن سياسة أمريكا و مقتل أكثر من مليون عراقى جلّهم من الأطفال، لماذا لم يتحدثوا عن تشريد خمسة ملايين عراقى فى أنحاء العالم ، لماذا لم يتكلموا عن أمريكا و ديمقراطيتها الغراء بأن من ليس معها فهو ضدها ؟

جاوبته و بكل هدوء لأنها كانت ستاند آب ... للعولمة !!!!


عبدالله شلبى
٢٠١٠/٣/٢٨
١:٠٨ ص

الخميس، 25 مارس 2010

اللعـــب مع إبـلــيـــــــــس

عام تقريبا و أنا على هذا الحال . فى صراع يومى مع نفسى و مع شيطانى ، أحاول جاهدا ألا أعود على ما كنت عليه . و لكن ما أن تهدأ الأمور ساعات إلا و كانت العاصفة أعتى و أشد.


فكل مرة ، يبدأ شيطانى بالوسوسة ثم تبدأ نفسى بالرد عليه ، فترينى أمام عينى كل ما كنت أفعله و يعلو صوت إبليس فى أذنى بل و يسهل الىّ طريق العودة، ويفرشه لى بالورود و الأمانى و الشهوات . و لكن الحمد لله ما زلت أكرهه و أبعد عنه - مستعينا بالله - و مؤمنا أننى كلما توغلت فى الإيمان زاد الامتحان صعوبة و الثبات مشقة . و لكن أؤمن أن هذه هى سنة الله كما قال فى كتابه " الم ﴿١﴾ أَحَسِبَ النّاسُ أَن يُترَكوا أَن يَقولوا ءامَنّا وَهُم لا يُفتَنونَ ﴿٢﴾ وَلَقَد فَتَنَّا الَّذينَ مِن قَبلِهِم ۖ فَلَيَعلَمَنَّ اللَّهُ الَّذينَ صَدَقوا وَلَيَعلَمَنَّ الكٰذِبينَ "


و لكننى بشر ، فبالطبع لى ذلات أخفق فيها ، و لكن الحمد لله الى الآن لم أعود لارتكاب تلك الآثام مرة أخرى ،مع أننى مرات أقصر فى النوافل و التعلق بالله و أمور هكذا . و ذلك أيضا من سنن الله أن الإيمان يعلو و ينقص.


فى احدى جلسات العلاج بالالهام مع صديقتى جهاد ، كانت تحكى لى عن معانتها هى الأخرى مع إبليس ،لكنها توصلت الى طريقة للعب معه، و هى أن تزيد من الطاعات كلما زاد فى الوسوسة، فمثلا إذا وسوس لها بتأخير الظهر، قامت و صلت الظهر مع ركعتين سنّه ، و هكذا حتى بدأ شيطانها فى اللعب معها بطريقة أخرى و هى أن يأمرها بالإسراع الى الصلاة ، فاكتشفتها أيضا . فهى فى حالة لعب مستمر معه.


قررت أن أفعل مثلها، و فعلت و الحمدلله نجحت ( حتى الآن) ، و أول مرة فعلت فيها ذلك ،


أقسم لك أننى شعرت بشيطانى و هو يحترق من فعلتى ، و خاصمنى يوما كاملا ، و لكننى أعلم أنه لا يطيق فراقى فعاد من جديد و بحيل جديدة .



و لكننى مستمتع ب " اللعب مع إبـلــيــس"، فهل لك أنت تنضم الينا و تلعب أنت الآخر مع شيطانك ؟؟؟؟؟؟؟


عبدالله شلبى

٢٠١٠/٣/٢٥
٩:٣٥ م.

الأربعاء، 24 مارس 2010

الحـــل ورقـــة

كنت جالسا أمس فى احدى المقاهى الفاخرة بشارع جامعة الدول، أستذكر بعض الدروس فى مادة الكيمياء الحيوية، حيث أننى من أكثر الكارهين لهذه المادة بالذات - بالرغم من سهولتها الى حد كبير- فلم أجد مفرا من جمع كتبى و الذهاب نحو هذا المقهى، حتى أبعد لفترة عن اللاب توب و الفيس بوك و كل الملهيات، لأجمع تركيزى لامتحان اليوم .

و بينما أنا سابح فى بحر علم لا أفقه فيه الكثير، دخل شاب و معه فتاة ( لعلها خطيبته)، و جلسا أمامى . كنت أرى الفتاة من ظهرها فقط ، كانت الفتاة تبدو و كأنها متحجبة، ترتدى بدلة (جينز) .

و لكن فجأة، اتضح لى أن هذه الطرحة تكشف ما تحتها من شعر. فشعرت بالضيق، و تركت قلمى و بدأت أفكر هل أتركها و شأنها و أكتفى بالدعاء لها؟؟، و لكن صوتا بداخلى بدأ يعلو و يقول ألن تتخلص من سلبيتك؟ ، ألن تكسر القيود التى صنعتها بنفسك لنفسك؟، أتدعو دائما دائما الناس من حولك للإجابية و أنت أول من يغيب عنها؟، أتفعل مثل اليهود حينما قال الله عنهم "أتأمرون الناس بالبر و تنسون أنفسكم" ؟؟

وقعت فى حيرة، و بدأت أسأل نفسى إذا ماذا أفعل؟، هل أذهب لها و أتكلم معها و لكن بأى صفة؟، فكرت فى أن أتكلم مع ذلك الشاب التى هى برفقته و لكن ماذا سيكون رد فعله، ممكن أن يتهمنى بإمعان النظر فيها و البحلقة !!!

سيل من الأسئلة هبط علىّ ، لم أكن أعرف ماذا أفعل ، و لكن شيئا وحيدا كنت متأكدا منه أننى إن لم أفعل شيئا، سأصيب بتأنيب الضمير طيلة حياتى . كان الوقت يمر سريعا و أزداد توترا، و أخشى أن يفوت الوقت و ينصرفا و أنا لم أتوصل لحل بعد.

هدأت من نفسى قليلا، و أغمضت عينى و بدأت أردد دعاء الاستخارة . مرة ، فالثانية ، فالعاشرة و هكذا. فتحت عيناى، فوجدت أوراقى تملأ الطاولة من أمامى، نعم "ورقة" وجدت الحل " الحل ورقة" " الحل ورقة". كدت أن أطير من الفرح حينها.

سحبت ورقة، و كتبت عليها الآتى:
أساسيات الحجاب

١- لا يصف
٢- لا يشف
٣- ألا يشابه ملابس الرجال
٤- ألا يكون معطرا
٥- يغطى من الوجه الى الكفين حتى الكعبين


طويتها، و قمت للذهاب نحوهم، أقسم لك أننى كدت أن أسمع دقات قلبى من قوتها، و كنت أشعر برجفة، فأنا لا أعرف ما هو رد الفعل الذى سيحدث. وقفت أمام طاولتهم، و ألقيت السلام عليهم، ثم اقتربت من الشاب و قلت له هامسا فى أذنه " هديك ورقة دلوقتى، ابقى اديهالها تقرأها بعد لما تمشوا". هز الشاب رأسه موافقا على كلامى فأعطيتها له و انصرفت.


ما أن وصلت لطاولتى، لبثت لثوانى حتى استطعت أن ألتقط أنفاسى من جديد، كنت فى غاية السرور لقد فعلتها. فعلت ما عاهدت الله أمام الناس و أمام نفسى أن أفعله، لقد كسرت قيود السلبية، و بدأت أن أجلى صدأها الذى اعتلانى منذ سنين.
حمدا لله على هذا، حمدا لله دوما و أبدا . سأكون بإذن الله إيجابيا دوما.....

عبدالله شلبى

٢٠١٠/٣/٢٤
٨:٤١ م.