الأربعاء، 16 يناير 2013

أصله مبيعرفش!!

جاءنى أبى ليلة حادث قطار الصعيد الذى راح ضحيته 40 طفلا فى لمح البصر، بعينين مغرورقة فى الدموع، ثم جلس محتقنا جدا و بصوت متهدج سائلا اياى "أنت مكانه، ماذا كنت فاعلا؟!!"

منذ نعومة أظافرى و أصبحت لعبة "أنت مكانه" هى لعبتى المفضلة مع أبى، فدائما كلما آتى له شاكيا من أحد، يسألنى "أنت مكانه، ماذا ستفعل؟"، فباتت شكواي تصحبها حلا، و الا خرست و كتمتها بداخلى.

استغربت كثيرا شكله في هذه الحالة، فعودنى أنه كالصخرة فى أحلك الظروف، و ابتسامته لا تفارقه اذا كان مهموما، و يبدو أن مشاعر الأبوة كانت أقوي من قدرة احتماله، ظللت متمسمرا فى مكانى محدقا الى هذا الوجه غير المألوف، حتى قطع بصوته الصمت مكررا سؤاله بحدة أكثر.

أخذت نفسا عميقا، و علمت أنه لا مجال للخطأ، نبرة الصوت حادة، مشاعره محتقنة، فسؤال اليوم امتحانا و ليس فقط لعبة.

رددت بعد برهة قائلا: "أولا سأستشعر أن ضحايا القطار كلهم أولادى -و هذا كفيل لأخرج على الشاشة بدموع طبيعية-، سأقف ألقى كلمة مقتضبة معزيا فيها نفسى، و أهالى الضحايا، واعدا أن هذا الحادث سيتم العمل على تجنبه الى الأبد، و سيتم صرف الدية كاملة كتعويضا لأهالى الضحايا، مع اقالة رئيس الوزراء و وزير النقل و وزير الصحة  و رئيس السكة الحديد و المحافظ و رئيس مجلس المدينة و تقديمهم للمحاكمة بتهمة الاهمال.
ثم سأطلب من العالم أجمع مساعدة مصر فى مصابها، فالتركة ثقيلة و الأرواح غالية، و لا أراكم الله مكروه فى عزيز لديكم.
بعدها سأطير الي منظمة الصحة العالمية و أطلب منها تشكيل وفد لمعاينة كفاءة جميع المستشفيات و ما هى المتطلبات الأساسية التى يجب أن تتوافر فى كل مستشفى و مستوصف و مساعدتنا و دعمنا فى توفيرها.
و منها الى الهند لأطلب منهم تشكيل لجنة من الخبراء لدراسة أوضاع منظومة الصحة لدينا و مساعدتنا على رفع مستواها و وضع خطة زمنية لذلك.
ثم الى الصين سأطلب منهم تشكيل لجنة من الخبراء لدراسة خطوط القطار لدينا و حالة السكة الحديد بأكملها و وضع خطتين زمنيتين واحدة قصيرة المدي لحماية المواطنين و تلافى الحوادث بعمل منظومة أوتوماتيكية للمزلقانات و التحويلات و أخرى طويلة المدى لرفع مستوى السكة الحديد الى المستوى العالمى الآدمى."

بدى لى أن الاجابة شابهت ما كان ينتظره منى، ثم سألنى و هل سيقرضك أحد و اقتصاد بلادك فى هذه الحالة؟ 

قلت له إن هذه الشعوب يقدرون قيمة الانسان و يكرمونه و يعملون ليل نهار على راحته، و مصابنا اليوم جلل و فى أطفال أبرياء، من الصعب أن تتنصل أى حكومة من مساعدتنا فالرأى العام هناك لن يرحمهم.

سكت طويلا ثم نظر الى و قال: "و الجبلة اللى عندنا ده مبيعملش كده ليه؟؟ ده مكلفش نفسه يقف و هو بيعزينا!!"

فرددت عليه قائلا: "أصله مبيعرفش!"....

ملحوظة: تمت كتابة تلك السطور فى ليلة ثانى حادث قطار فى عهد محمد مرسى العياط أول رئيس اخوانى منتخب، بعد مرور أقل من شهرين على حادث قطار أطفال الصعيد، و آتى الى أبي منذ قليل و قال "فعلا مبيعرفش!!"



القراءة هى الحل



عبد الله شلبى 
16/1/2013
1:03 صباحا

الجمعة، 11 يناير 2013

شيوخ النهضول

"الدين أفيون الشعوب، و جهلها خير مسخر لها". هكذا وضعت خطة التمكين لجماعة الاخوان، فبعد أن أفل نجم أول خطيب مدني منتخب و تمت مهاجمته بل و وصلت الى مطاردته ليهرول هو و حرسه حفاة خارج المسجد، لاذين بالفرار من غضب الجماهير المحتشدة ضد سياسات مغفلة و حكومة غافلة؛ سرعان ما بدأ شهبندر التجار باستيراد شيوخ و خطباء من الخارج - حمدا لله أنه لم يستوردهم من تركيا مثل ملابسه و مراتبه - ليسيطروا على جماح هذا الشعب الذى كفر بمشروعهم النهضوى الوهمي،و كشف حقيقة شعارهم التجارى الكذوب "الاسلام هو الحل".

و أصبح يخرج علينا كل جمعة شيخ مستورد تارة من قطر و تارة السعودية، ليطنطن علينا متحدثا عن روعة مصر و أصالة شعبها و حضارة سبعة ألاف سنة و يعطينا بكل هدوء "لبوس النهضة المسكن"، ناصحا ايانا بالصبر و يعدنا أن الله سيخرج الاسلام من كبوته و سيسود المسلمين العالم و سيعلي شأننا من جديد!.

نسى هؤلاء الشيوخ أن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا، و أن لكل مجتهد نصيب، و أن الله العدل لن يقيم لنا قائمة بتواكلنا و تنطعنا فى مسؤلياتنا و أعمالنا. و أن تلك البلاد التى تكرهنا و تحيك لنا المكائد و المؤامرات ليل نهار، اذا غضت أبصارها عننا فلن نجد ما نأكله أو نستر به عوراتنا؛ نحن شعوب تعيش عالة على شعوب أخرى، نستورد منهم من الابرة للصاروخ حتى ما نصنعه عندنا و ننتجه فهو مصنع بماكيناتهم و منتج بمحاصيلهم و شتلاتهم. انهم ينصحوننا بالصبر، و نسوا أن الصبر يكون على تنفيذ الخطط، و ليس الصبر على المآسى و الهلاك، فالصبر على المذلة خسة!!. لم يخرج علينا شيخا فيهم و يقولها صريحة "بالعلم و المال وحدهما تبنى الأمم"، لم نجد فيهم الامبراطور الياباني الذي خرج على شعبه بعدما دكت بلاده تماما بالقنابل النووية ليقول أقصر خطبة في التاريخ و هي من ثلاث كلمات "لقد هُزمنا فى المعمل"، لم نجد منهم من يقول بضمير "خلاصكم فى اقرأ، و خلاصكم باقرأ، فاخلصوا للقراءة و اجتهدوا في العلم".

أنتم على شاكلة أجدادكم الشيوخ تنابلة السلاطين، هم من أضاعونا البارحة و أنتم تضيعوننا اليوم ...... أيتها المشايخ المستوردة مشايخ النهضول و التسكين بئس ايمانكم ان كنتم مؤمنين.


عبد الله شلبى 
11 يناير 2013
04:10 مساءا

الجمعة، 4 يناير 2013

فلسفة حضن

مرات أغوص فى أعماق الحزن و لا ينجينى الا "حضن"، و مرات يعتصرنى الاكتئاب و لا تنفع شوكولاتات العالم و لا عقاقير السيرتالين و يكون شفائى في "حضن"، و مرات أنجح بسبب "حضن"، و مرات أعبر من أجل "حضن"، و مرات أصبر لأنال "حضن"، و مرات أفشل لعدم وجود "حضن".....

هذه الضغطة الصادقة التي تعتصر عظامي و أكبر مساحة في جسدي مرسلة ومضات عصبية كثيرة لجهازي العصبي ليعلم مخي أنني ما زلت حيا، ذلك الاحساس الذي نبحث عنه فى أعتى لحظات الوحدة و يجعلنا فجأة مقبلين على الحياة من جديد. ضغطة واحدة صادقة تنقذ آلاف من الانتحار، ضغطة واحدة صادقة تدفع ألاف لاكمال طريقهم الى النجاح، ضغطة واحدة صادقة تشعرنا بالفرق بين الحياة و الموت.

اياكم أن تبخلوا على أحد بحضنكم اذا شعرتم أن فيه شفائه، و لكن اذا حضنتم فاحضنوا صادقين ....

عبد الله شلبى
4 يناير 2013
01:29 مساءا