السبت، 25 يناير 2014

ثلاث سنوات

ثلاث سنوات مضوا على أصدق لحظات الإيمان بالله و قدرة النفس.
ثلاث سنوات مروا على أقوى صيحة بقول "كفاية". كفاية شاملة وافية، كفاية ظلم، كفاية قهر، كفاية تخبط، كفاية عجز، كفاية قلة كرامة، كفاية إهانة، كفاية خوف، كفاية توزيع في ثروات البلد كأنها ملك للحاكم و أعوانه، كفاية أجساد الشباب التي تحولت لطعام لسمك البحر هاربين من الذل ...... كفاية!

كنا 7 شباب قررنا أن نستفيق الناس في احدى الأحياء الشعبية -و كان بقية أقراننا قرروا الانضمام الى مسيرة مصطفى محمود- فوقع الإختيار على منطقة إمبابة، و ذهبنا لا نخشى قلة عددنا، إحساس غريب فى قلبي مزيج من الإيمان و التحدى، و كثير من الأسئلة!
هل سيتجاوب معنا الناس؟ هل سينضمون لنا أم سيرمقوننا بالنظرات كمجاذيب تصيح؟ هل سنواجه عنف؟ هل علىّ أن أتصل بوالدتي و أصارحها أنني سأكون في تظاهرة في امبابة؟ 

توقف الميكروباص في شارع المحكمة و لم يعد هناك غير اللحظات الفعلية لتجيب كل أسئلتي. مشينا متفرقين نباعد المسافة بيننا فى أول الأمر حتى لا نلفت الأنظار، ثم وجدنا فى آخر الشارع حوالي 15 شاب و فتاة يحملون لافتات وسط كردون أمني! "كردون أمني في شارع جانبي في امبابة؟! واضح ان اليوم هيحلو" هكذا تمتمت مع نفسي، و اذا بأحد أصدقائي ينطلق فى الهتاف "علّي سور السجن و علّي جاية الثورة تشيل ما تخلّي" فانطلقنا معه نهتف، و اذا بالكردون ينفتح و يأتي عساكر من خلفنا لضمنا على المحاوطين، و لكن ردة فعلنا كانت أسرع و باغتناهم بأن تشتتنا ففتحوا الكردون ليلحقوا بنا و ضمت المسيرتين على بعض في غضون لحظات!

انطلقنا في الحواري و الشوارع الجانبية، و قررنا ألا نخرج من امبابة الا بعدد كبير يسمح لنا اثارة ضجة و يصعب على الشرطة محاصرتنا، و كان لنا ما نوينا. صار بعد حوالى 3 ساعات ما يقرب من خمسمائة شخص في مسيرة منظمة، و الهتاف موحد يرج البنايات، فانطلقنا الى شارع الكورنيش لننضم بالصدفة الى مسيرة مصطفي محمود و أصبحت الأعداد مبهجة.

يا الله! كنا 7 أشخاص لا نملك شئ الا إيماننا بأن لا بديل عن النجاح في تحرير كلمة "لا" من الصدور، فصرنا ألفين أو نزيد. كان القهر واضح في العيون، الظلم سهل أن تشم رائحته، الغضب مدفون في عمق الأجساد. الأعداد أغلبها ان لم يكن جميعنا في ريعان الشباب. 

كانت 25 يناير انتفاضة غضب ضد الظلم، و كان -و مازال حتى هذه اللحظة- ممارسات الشرطة هي عنوان للظلم، لم تنجح حتي هذه اللحظة 25 يناير، لم نحقق العيش و لا الحرية و لا الكرامة الإنسانية ولا العدالة الإجتماعية، لم ننجح لسذاجتنا و كثرة ما أحيك لنا.
و لكننا نجحنا في تحرير كلمة "لا"، و نجحنا في ترسيخ مفهوم أن الشعب اذا قام أنهى المقام، و على الحكومات أن تخاف من الشعوب و تسترضيه و ليس العكس.

هذه الذكرى الثالثة و غير راض لما وصلنا اليه، و لكن لن أندم يوما على مشاركتي..... أمسكوا عليكم أحلامكم و أعدوا لها جيدا، و تعلموا من أخطائكم و إياكم أن تثقوا فيمن خانكم. على حجم إيماننا فيما نريد سنصل اليه مهما طال الطريق!


عبد الله شلبي
24 يناير 2014



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق