السطور التالية بها كلام خطير، لا أنصح أى متذبذب ايمانيا أو غير محصن بعلم أن يقرأها، فليس فيها ما يدعو للتفكير أو التدبر، و لكن فيها كثير مما يدعو للتشكك و الحيرة، هذه الكلمات ما هى الا فضفضة بصوت مسموع!
"لو كنت أعلم الغيب لأستكثرت من الخير و ما مسني الضر"
عيادة الروماتويد بالقصر العيني، تلك المكان الذى يختص بأعتى و أهلك أنواع المرض مثل (الروماتيزم و الروماتويد و الذئبة الحمراء...الخ)، ذلك المكان الذى نجلس فيه كأطباء و لكننا في حقيقة الأمر ما نحن الا مشخصو أمراض بلا علاج؛ فنحن لا نعرف شيئا عن أمراض المناعة سوي طريقة تشخيصها، و لا نكتب دواء سوي بعض المسكنات و مثبطات المناعة، التى غالبا و علي المدى الطويل تضر المريض أكثر مما تنفعه بكثير.
عيادات القصر العيني الجامعى لمن لا يعلم، فهى عيادات مجانية يتردد عليها أفقر أهل مصر. دخل علينا في يوم رجل يدعي محمد يبلغ من العمر 31 سنة، متزوج له 3 أبناء، كان يعمل مراقبا عاما للعمال فى هايبر ماركت، مصابا ب "Scleroderma"، و هو مرض مناعي -لاحظ أن الأطباء يتهمون المناعة بأى مرض لا يفقهون عنه شيئا- وأيضًا مزمن يؤدي إلى تليف الجلد (أو تصلبه) وحدوث تغيرات في الأوعية الدموية وتكوين أجسام مضادة ذاتية. فيصبح المريض كتمثال من الشمع يقف أمامك، حتي أنه من شدة التصاق الجلد بالهيكل لا يستطيع المريض أن يفتح فمه و يصاب أيضا بإلتصاقات فى المرئ تعيقه عن ابتلاع أي شئ!.هاجم هذا المرض محمد منذ عام و نصف العام تقريبا، و كان يتردد على طبيب للعظام طوال هذه الفترة لما يعانيه بوجع في مفاصله و حيث أن هذا الطبيب اما بلا ضمير أو بلا علم تماما، ظل يحاول علاجه طيلة هذه الفترة حتى وصل محمد الى تلك المرحلة فى المرض ثم نصحه الناس بالذهاب لمستشفي القصر العيني لعل يجد حلا فيها. هو الآن لا يقدر على العمل بسبب مرضه، فتخيل معي أنك تري انسانا متشمعا تماما، لا يوجد في جسده العلوى مفصلا واحدا قابلا للثنى أو الفرد.
حالة أخرى، الحاجة سنية 62 سنة، مصابة بتشكيلة من الأمراض، أولها الالتهاب المفصلي الروماتويدي، و ثانيها Acromegaly، أو مرض ضخامة الأطراف، و ثالثها عاقر، و رابعها مراحل بداية ألزهايمير، نعلم أن الحاجة سنية ستنزل يوما ما من بيتها لا تعلم الى أين هى ذاهبة و لن تدرى أين هو بيتها!
لماذا هؤلاء؟، ألم يكن كافي لهم فقرهم؟ لماذا يصاب فقير أنهكته الدنيا بالفقر بمرض أقل علاج له يساوى 250 جنيه؟؟، لماذا يصاب هذا بكل الابتلاءات و يصبح همه أن يموت حتي لا يرى دمعة احتياج ضالة تفر من عين احدي عياله و هو لا يقدر على شئ؟ لماذا تدور الحاجة سنية في سنها هذا على مراكز الدروس الخصوصية لتتحصل علي جزء من ثمن علاجها؟، لماذا يكون انسان آخر علي نفس الأرض يعيش في السويد مثلا حيث تطل فيلته على حديقة شاسعة تفصلها عن بحيرة زرقاء و كل همه في الدنيا أن شجرة التفاح الأخضر لم تطرح بعد؟!
ألسنا جميعا عيال الله؟ أليس هو من قال "لا يكلف الله نفسا الا وسعها"؟ أليس هو من وعد بأنه لا يظلم أحدا؟
نعم يوجد اله مقتنع بذلك تماما، و لكن أى عدل هذا فيما أراه و أتعامل معه يوميا؟
آلاف من الأسئلة يلجمنى بها شيطانى فى كثير من الأوقات، و بعد أن أهدأ أقول في نفسى "له فى ذلك حكم" ان ما أراه يشبه كثيرا ما رآه سيدنا موسى فى رحلته مع سيدنا الخضر، و أتخيل أن الله يقول لي "انك لن تستطيع معى صبرا"، فأجيبه بعزم "ستجدنى ان شئت صابرا و لا أعصى لك أمرا".
اللهم اهدنا الى الرشد و قنا و اصرف عنا شر أنفسنا.
عبد الله شلبى
17-05-2013
04:55 مساءا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق