السبت، 25 فبراير 2012

الفرق المبين بين حسان و اليونانيين

أخطاء مربكة، و خطايا موثقة، و زلات لا تغتفر. بهذا تتسم الفترة الانتقامية -أنجانا الله منها و قصرها- في ظل القيادة المترنحة للمجلس العسكرى.

بعد فضيحة المجلس العسكرى و جميع قياداته علي الملأ بفضل حملة "عسكر كاذبون"، التى دشنها و طاف بها البلاد ثلة من أنقى و أطهر شباب مصر؛ الذين أخذوا علي عاتقهم نزع آخر ورقة توت يستتر خلفها أعضاء المجلس ليكشفوا ليس للمصريين فقط بل للعالم أجمع عوار الفكر العسكرى عندما يتدخل في الشئون السياسية لدولة بحجم مصر.

و بات نظام مبارك مهدد بالزوال فعلا، و باتت الادارة الأمريكية تتوجس خيفة لما تخبئه لها الأيام فهل ستبقى الادارة الجديدة علي نفس علاقاتها مع واشنطن أم ستتخذ منهجا آخر يتطلب اعادة دراسة و تمهيد و تحديد مفاهيم جديدة من قبل وكالة المخابرات الأميريكية.

خوف الجنرالات العجائز على كراسيهم و خوفهم من كشف أوراق تاريخ عملهم و سجلاتهم، جعلهم يتلطمون حتى ارتموا فى حجر أمهم "أميركا"، و لأن "أميركا" لا تعرف تضييع الفرص و لا تنتظر المفاجآت، وفرت المساعدة لجنرالاتها المخلصين كدليل على وفائها لعملاءها و رسالة لعملائها أيضا في شتى دول العالم، و أشارت عليهم أن يلعبوا بكارت "القومية" و يعلو من اللهجة الحنجورية في حديثهم، في محاولة بائسة لاعادة التفاف جزء من الشعب حولهم و اكتساب تأييد أي مواطن غير عسكرى.

و بالفعل تم القاء القبض على عدد من موظفى مكاتب مراقبة حقوق الانسان المختلفة، و بالطبع كان منهم أجانب من مختلف الجنسيات، و كأن تلك المكاتب تم افتحاحها من أيام و لم يتم تأسيسها منذ سنوات معدودة!!! و بدأ بوق اعلامهم و سحرتهم يصدعوننا في كل ليلة باكتشاف مخططات لتقسيم مصر و اكتشاف أموال و أجهزة تنصت و كأن ما تمت مداهمتهم هي مغارات على بابا، و ليست مكاتب مفتوحة أبوابها منذ سنون!!. و لم ينتبه أى أحد من المخابرات المصرية أو من جهاز الشؤون المعنوية أن ما يقال في الاعلام يدينهم أكثر مما ينفعهم لأنهم اذا كانوا يعلمون عن نشاط تلك المكاتب طيلة هذه السنون الماضية و لم يتكلموا فتلك مصيبة، و ان كانوا لا يعلموا فالمصيبة أكبر.

تم بعد حركة الشطرنج المتفق عليها مسبقا بين الادارتين الأميريكية و المصرية، بتحريك ملف "المعونة" ليزيد الزخم فى الشارع المصرى، فاستثمر المجلس العسكرى تلك الخطوة للاستعانة بأحد الذقون ذات التأثير على العقول المُحبْة لله غيبا و تغييبا، ليتحدث عن شأن سياسى اقتصادى في منتهى الدقة، و يدعوا الشعب لعمل جمعية للاستغناء عن المعونة شريطة أن يقبض تلك الجمعية في كل مرة المجلس العسكرى.

و لم يتذكر شيخنا الجليل قول الشاعر "و زن الكلام اذا نطقت ... و لا تكن ثرثارا فى كل ناد يخطب"، فقام ليتحدث و يدعوا الناس على جهل للاستغناء عن المعونة الأمريكية و كأننا نتسولها. و ليست هى حق لنا منصوص عليه في معاهدة كامب ديفيد، و هى بمثابة دفع للجزية حتى يدرأوا عن آل اسرائيل الحرب.

من حسن حظى و من سوء حظ الشيخ حسان أن اليونان كانت تفاوض الدول الأوروبية بشأن معونة بعد اقتراب لاشهار افلاسها تماما، فتعنت الأوروبيون في بادئ الأمر، قال المفوض اليونانى لدى الاتحاد الأوروبى جملة واحدة جعلت أعضاء الدول الأخرى جميعهم يجلسون صامتين و كأن على رؤوسهم الطير و هى: "ستدفعون لنا كل ما نريد ليس لأننا فقراء بل لأننا أقوياء، اننا نملك البحر -يقصد البحر المتوسط- و لن نتورع أن نحولها الى أوروبا السوداء، حتى نطعم شعبنا" في محاولة منه بالتلويح لفتح حدود اليونان للمهاجرين الغير شرعيين. و ربح ذلك الرجل و ربحت بلاده بتلك الجملة فقط ١٥٠ مليار يورو.

انتظرت من الشيخ حسان و ساستنا العظام، بأن يحذو حذو اليونان و يخرجون على كل منبر، يتوعدون أميركا ان لم تتم زيادة المعونة، و مساعدة مصر على النهوض بسرعة عالية، سنحول اسرائيل الي اسرائيل السوداء، و سنجعل سيناء بأكملها نفقا للجميع.

فهكذا تلعب السياسة، فالحنجورية و الافتعالية و اللعب على وتر القومية لن يسمنا و لن يغنينا من جوع، فالسياسة فن و علم، و ان لم يوسد الأمر الى أهله الآن فقل على تلك البلد يا رحمن يا رحيم

عبدالله شلبى
٢٥ فبراير ٢٠١٢
١٢:١٨ صباحا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق