الجمعة، 23 سبتمبر 2011

الشعب يريد الفنكوش

قررت أن أخرج الى الشرفة؛ فالضوضاء صاخبة، و لا أحد يطيق أن يتمهل ليستمع الآخر، الكل له أفكار بديعة و لكن دون أي استعداد أن تتكامل أفكاره و تندمج مع أفكار أى أحد. أصبحنا جميعنا كالماريونيت فى يدى المجلس، الذي أثبت أنه يجهل أصلا معني كلمة السياسة و أصبح يتمرس دور الجاهل فيصيح بعلو صوته يصدر قوانين هنا و فرمانات هناك، و الشعب ينظر اليه في ضجر و لكن يلعنه فى سره (صفات ما قبل ٢٥ يناير)، و أقلية يلعنونه فى وجهه جهارا نهارا بيانا (صفات ما قبل ٢٥ يناير)، و لكن نؤمن جميعا أن القطار غادر الحطة بالفعل و هذا فى حد ذاته بشرة خير، و لكن وجد فى طريقه تفريعة طرق فتوقف حتى ينتهي الركاب من شجارهم و يوحدون قرارهم أي طريق يسلكون.

بدأت في تلك الأجواء أن أستعيد الذكريات و التحضيرات الآخيرة التى نتج عنها تلك الشحنة الهائلة. فوجدت أننا فعلا قد خونّا هذا الشعب العظيم و نستاهل الآن ما نلقاه منه. لقد بتنا منذ ٢٠٠٨ فى شحن الشعب عبر وسائل الاعلام البديلة نحو احتياجاته الشخصية فكنا فى كل فيديو جديد يُرفع على موقع اليوتيوب يتم عرض كل ما نعاني منه من (زبالة، أزمة الخبز، أزمة الأنابيب، العشوائيات، وظلم الشرطة، و فقر الصعيد، و الفساد الادارى، و التوريث، البطالة، حادثى العبارة و قطار الصعيد، و البحث العلمى، .....الخ).

ثم ابتدينا الدعاية للحشد ليوم ٢٥ يناير بنفس تلك اللقطات و لكن انتهت الفيديوهات بشعار (عيش، حرية، عدالة اجتماعية) فوصلت الرسالة بأن كل متطلبات الشعب تتمثل في تلك الثلاث كلمات. فنزل من نزل من الشباب  مرددين جميعنا تلك الكلمات. ثم بعد الاعتداء على المتظاهرين فى منتصف الليل، تسارعت انتاج الفيديوهات بشكل ملحوظ و لكن كانت تنتهى بشعار جديد (الشعب يريد اسقاط النظام)؛ فربط الناس احتياجاتهم بهذا الشعار الجديد. فتدافع مئات الآلاف يهزون الجدران بذلك الهتاف يوم ٢٨ يناير. فاستمر مؤمن أن هذا الطلب يخفى وراء تحقيقه كل أماله و أحلامه فظل متمسكا بهذا الشعار - و لو أننى أكاد أن أجزم أن معنى كلمة "نظام" ظلت و تظل مطموسة على كثير منا مثلها مثل كلمة "الفنكوش" - و بعد أحداث يوم الأربعاء الدامى تم تطوير الشعار الى (الشعب يريد اسقاط الرئيس) فنقل الحالمون أحلامهم و أمالهم الى تلك البوابة الجديدة، و كانت لكثير أوضح و أسهل، و لذلك توالت المليونيات بعد هذا اليوم بأعداد أضخم بكثير، لأن فكرة اسقاط شخص واحد جالس على صندوق الكنوز زادتنا عزيمة و اصرارا. و قام الشعب فى الجمعة المباركة عليه ليخلع اللامبارك، وفعلها.

و انتظر بعدها تحقيق أحلامه و أماله بعد أن فعل كل ما طُلب منه بحذافيره. فأدخلنا المجلس المباركى في صراع الاستفتاء، فالتفتت النخبة الي الشعب ممتعضة تقول له في حزم، لا وقت لدينا لهذه المطالب الفئوية و الدنيوية، و لا صوت يعلو فوق صوت السياسيين !! ، و بدأ تسويق متطلبات الشعب من جديد وراء كلمة نعم أو كلمة لا. فربحت كلمة نعم ، و انتظر الشعب مجددا تحقق مطالبه، و لكن بلا جدوي !!!

توالت الأيام حتى كفر الشعب بكل متحدث بلفظ يدعى "الثورة"، لأنه فعل ما عليه و لم تخدمه تلك التى تدعى "ثورة" بأى شئ اللهم الا أنها أزادت على بلوانا بلوة الانفلات الأمنى. و يحدثنا هنا المحارب العبقرى "سون تزو" في كتابه "فن الحرب" قائلا: "اذا أردت أن تكسب جيشا كبيرا فعليك أن تجره الى المعارك الصغيرة التى تستطيع أن تربحها، لأن في ذلك تحفيزا لجنودك فترتفع عزيمتهم و اصرارهم، و انهاك لأعدائك فتحطم نفيستهم".

و هذا ما كان علينا فعله بالضبط؛ يجب أن نعيد حساباتنا، لقد أخرجنا الثورة من عقولنا الى الشوارع، علينا الآن أن ندخلها فى كل البيوت حتى ينزل من فيها اذا احتجنا اليهم، يجب أن يحصل هذا الشعب الآن على أى من مطالبه التى نزل من أجلها حتي يتذوق حلاوة ما صنع، يجب أن يرى كل مصري أن للثورة مغانم ليست فقط سياسية و لكن شخصية بحتة، لقد لعبنا علي مبدأ (الأنا) طوال ٤ سنوات يجب أن نبدأ في اشباع تلك (الأنا) الآن، و لو حتى بمطلب رفع القمامة من كل شبر على أرض مصر.

إن كلمة "النظام" معناها في المعجم اللغوي الشعبي مثلها مثل كلمة "الفنكوش"، و لسوء جهل النخبة السفسطائية السياسية، ظلوا يتعاركون أمام الكاميرات و يرددون، "نحن نريده فنكوشا اسلاميا" ، لا و كلا " الفنكوش سيكون قوميا عربيا"، "الفنكوش سيكون ليبراليا و نقسم على ذلك"،   "ألم يكفيكم فقر ٦٠ ٪ من الشعب؟؟!! اشتراكية الفنكوش واجبة و ثورتنا بنيت على ذلك". و الشعب ينظر لهم و يسأل، " هو الفنكوش ده لزمته ايه يا دكتور ؟؟، هو فيه فنكوش اسلامى يا شيخنا؟ ".

من وجهة نظرى البسيطة أن أمامنا الآن هدفان أساسيان:
١- أن نعمل جميعا على مطلب واحد يأخذه الشعب الآن من تلك المطالب التى ظللنا نرددها علي مسامعه، حتى نشعر جميعا بأن للثورة مغانم و مكتسبات فنظل جميعنا نحارب صفا واحدا و لا يحيد أحد عن الصف.
٢- يجب أن يُرسم هذا النظام الذى نود أن نعيش فيه من الألف الى الياء بكل تفصيلة فيه، و يتم شرحه و التسويق له سريعا حتى يترسخ فى أذهاننا جميعا، و يكون هذا هو طريقنا مهما تغيرت الحكومات و استولت علي المجالس الأحزاب، و يصبح الشعار الجديد (الشعب يريد هذا النظام)، فاذا وضح لنا الطريق فلن يَفرق زيد عن عبيد عن نطاط الحيط،  حينها سينزل المجلس صاغرا على رغبة الشعب، لأنه لن يستطيع أن يوقف جماح هذا الشعب و يعرقل طموحاته .

دعونا نجر الفنكوش القديم الي معارك صغيرة نربحها و نعيد شعبنا الينا و نعيد ثقتنا فى أنفسنا، فنحن مازلنا و سنظل بإذن الله قادرون على ذلك ......


لن يعيد لمصر شبابها الا شبابها

عبدالله شلبى
الجمعة ٢٣ سبتمبر ٢٠١١
٥:٥٨ مساءا

هناك تعليق واحد:

  1. مطلب واحد مظلة واحدة حتي لو كانت بمستوي الجمعية الوطنية للتغيير تجمع شعب مصر ضد المفسدين

    ردحذف