الأربعاء، 24 أغسطس 2011

العبد الفقير

أسراب من الفقراء، كانت تتدفق علينا بين الحين و الآخر. كنت فى رحلة أو بالأحري مهمة مع مؤسسة "سارة لأعمال الخير" نوزع زكاة المال فى قرى محافظة سوهاج. لم تكن تلك المرة الأولى لأجوب فيها قرى و محافظات مصر الأفقر ، ست سنوات و أنا على هذا الحال.
و لكن كانت تلك المرة، بالطبع لها مذاق مختلف، فهى فى أثناء أحداث الثورة (اللهم أتممها على خير)، و كنت أتوق لمشاهدة تأثير النتائج الأولية على الناس هناك. طبعا قبل أن تسأل أو تتسائل، لم تصل الثورة الى سوهاج بتاتا، اللهم الا الإنفلات الأمنى الذي خيم على المشهد هناك، و أعداد السلاح التى انتشرت هناك حقا لا حصر لها، و تجرؤ الناس علي الأمن حتى أنهم يسيرون حاملين بنادقهم دون أى خشية من الشرطة.
كنا نوزع زكاة المال من احدى البيوت هناك أو من داخل مقار الجمعيات المتعاونون معها، الطريقة منظمة للغاية، فكل مستحقة للزكاة يصلها كارت قبل موعد مجيئنا بأربعة أيام و تأتى لتستلم به مظروفها.
دوما تحدث مشادات بين السيدات المستحقات لتدافعهن على البوابة، النابع من خوفهن أن تنفذ المظاريف قبل أن يأخذوا، و تستمر المحاوات المستميتة لتفهميهن أن المظاريف بعدد الكروت فمن المستحيل أن تنفذ المظاريف طالما كل واحدة تحافظ علي كارتها. و لكن هيهات، ما يلبثن الا دقائق حتى تعودن للمشاجرات، فيبدآ التلويح و التهديد بالانصراف ان لم يهدأن و يجلسن فى أماكنهن.
هنا بدأت رحلتى فى تأمل الموقف، كم التوسلات و الاحترام و طاعة الأمر بعد تهديد يعلمن جيدا أنه مجرد تهديد و لم يحدث أن دخل طور التنفيذ الا فى مرات قليلة جدا.
هل الفقر و الاحتياج يصنعان العبودية؟ هل على قدر حاجتك لشخص أو مادة تزداد نسبة عبوديتك له؟ نحن نعبد الله لأننا فقراء اليه و نحتاج اليه، و كلما زادت مصائبنا زادت حاجتنا اليه و ازددنا عبودية له (أى طاعة و ايمان).
ماذا سيحدث مع هولاء في الانتخابات ،اياك أن تتحفنى بنصائحك الغالية أننا سننطلق الى هناك و نعد مؤتمرات التوعية و الندوات العامة لنغير فكر الناس، و ننعش أذهانهم!!! الناس محتاجة و الحاجة تولد العبودية ، و من لا يملك قوته لا يملك قراره.
الناس هناك لا تحتاج لملئ العقول بل يحتاجون لملئ البطون أولا. مجلس الشعب قادم معروف ملامحه مهما حاولنا أن نداعب خيالنا و نتصوره متناغما متجانسا يضم من أقصى اليمين الى أقصى اليسار، هذا للأسف هراء. نعم المجلس القادم مؤتلف و لكن ائتلاف الأغنياء و القادرين من أباطرة الانتخابات المعروفين و سيكون بالفعل فى هذه الحالة في قمة التناجس (الخطأ مقصود) و التغانم (مقصود أيضا)

عبدالله شلبى
الأربعاء ٢٤ أغسطس ٢٠١١
٧:٣١ صباحا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق