الجمعة، 8 أكتوبر 2010

حقيقة الوهم

ستة أشهر ، منذ أن سلّمت نفسى الى موج الدنيا ليقذفنى الى حيث يشاء . بعدما ثبتت دفة مركبى على موجة السياسة ، فى كل مرة كلما علت الموجة أو انخفضت ، ألتقى بأناس لم يخطر على بالى قط أن أقابلهم ، أناس لم أكن أراهم الا أمامى فى التلفاز ، أو أقرأ أخبارهم فى الجرائد ، و آخرون تعرفت عليهم بعدما دخلت هذا المعقل الزخم الملئ بالأحداث و الأفكار و التوقعات و التكهنات .

آمال تعلو و أخر تتهاوى ، أحلام تقترب ثم تصير سرابا ، أفكار تبنى ثم تصبح حطاما. رحلة مليئة بالضغوط النفسية و الذهنية، رحلة آمنت فيها أن خير جليس لى حقا هو الكتاب، و أن النجاح غلطة لن يغفرها لك أصدقاؤك .

و علمت فيها أننا (فى مصر) نعيش و نتعايش فى وهم كبير ، وهم فى كل شئ و أى شى ، وهم حتى أننا نعيش . حاولت أن أضع كلمة كأنه أو كأنها قبل أى شئ و فهمت الحقيقة بعض الشئ :

كأنه (وطن) :
يهتم بكرامة أولاده ، و يقف ورائهم حيثما كانوا ، يحبونه حقا و يؤمنون به و بامكانياته ، ويعلم هو أن لا خير له الا فى أولاده ، و ليس يلفظهم حتى يكون آخر أمالهم أن يهربوا منه حتى لو كان الثمن حياتهم و يكونوا طعاما للسمك .

كأنه (حاكم) :
يؤمن أننا رعيته حقا ، و يتألم لآلامنا بل آلام كل دابة فى أرجاء الوطن ، لا يشغله شئ الا راحتنا ، و ليس ما يشغله فقط هو عرشه الذى لا ينوى النزول من عليه ، حتى يلفظ آخر أنفاسه عليه.

كأنهم (وزراء) :
حصلوا على مواقعهم بفكرهم المستنير و خططهم المدروسة و علمهم الواسع و كفاءتهم المنشودة، و ليس فقط أنهم ( ولاد ناس و محترمون) أو متملقون و منافقون ، لا يفقهون شيئا الا كيفية تتويه المواطن و الهائه بالمشاكل و الهموم و تنفيذ كل خطط الرئيس الملهم اللاتى دائما ما تكون فى النهاية أقوال و لا أفعال .

كأنها (أحزاب) :
تعمل فعلا على التواصل مع الشعب و لها رؤي و خطط حقيقية و حكومات ظل و معارضة و لسان حق ، و ليست فقط بعض من القطط الناعمة التى تستقوى فقط على بعضها البعض ، حينما يتعطف الحزب الحاكم و يلقى لها ببعض المقاعد ، ليظهر أمام العالم - مدى حنية قلبه و رأفته بالحيوان - أقصد مدى ديمقرطيته و امتلاء المجلس بالألوان .

كأنها (نخبة) :
يهمها حقا توعية هؤلاء المصيرون الى أجل غير معلوم ، و لهم فى المناداة بالحق صولات و جولات ، و فعلوا فى أجيالهم أشياء و أشياء ، و ليس كل ما يهمهم و يعنيهم كاميرات الفضائيات و أن تتصدر أسمائمهم المقالات ، و هم فى الأصل لم يفعلوا شيئا الا الجلوس على مقاعد النخبة بحكم سنهم ذو الستين أو السبعين خريفا ، و كأننا قبائل و هم شيوخها .

كأنها (حركات سياسية) :
كل يوم تستقطب أعداد من الشباب غير المُسّيّس (لا يفقه شيئا فى السياسة) ، و تعمل على تهيئة الرأى العام ، و إنشاء جيلا يعلم حقوقه و يعلم كيفية نيلها ، و لكن للأسف ليس هى الا مجالس وصايا على المصريين ، لا يقرر فيها الا من أسسها و يحذون حذو النخبة و الأحزاب لا يعنيهم الا المشاركة فى الوقفات التى تُغطى اعلاميا ، أما العمل بالطرق العلمية الممنهجة لا يجد لديهم سبيلا و لا ملاذا.

كأننا (شعب) :
يتألم و يثور لما يعانى منه كل يوم ، و يعلم أن السجون لا تستوعب شعوبا و لكنها تستوعب أفرادا ، نقاطع و نرفض كل من حاول التحكم فينا ، نرى ما نعانى منه فى الفضائيات فتعلو وتيرة الغضب عندنا و لا يستطيع أن تجمح غضبنا العصى ولا الهراوات. و لسنا شعب فقط يئن بصوت منخفض على كل هذا البلاء الذى نعيش فيه ، خشية أن يسمعنا الجدار لأن له آذان تسمع و ألسن تنقل ، و لسنا خانعين ننتظر الخلاص بمعونة الهيه ، و نتمجلس أمام القنوات الدينية بالساعات لأنها (قنوات تأخذنا الى الجنة) و ليس أعمالنا و عقيدتنا !! ، و نتوهم أننا بذلك صرنا مؤمنين و أننا نصبر على البلاء راضيين و ليس خانعين ، نرجو رحمة الله و لا نفعل شيئا لنيلها ، و نرفع شعار "السائرون أمواتا".

و كأننى أكتب و كأنكم تقرأون !!!!!

و يا بشرانا لو كنا فى يوم من أولئك الذين يعقلون ..........


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق