الاثنين، 20 سبتمبر 2010

وهكذا حالنا !!!!!

ذهبت فى يوم عطلتى الى إحدى معالم القاهرة الكبرى ، "سيتى ستارز" ، و هو مجمع للتسوق و الترفيه .أما التسوق فهو منغلق على الصفوة ، و أما الترفيه بالتفرج على المعروضات فهو من حق أى أحد ، كان شكله مهذبا و مهندما و سمح له بالمرور من البوابات.

كنت أسير فى ردهاته أتابع بعينتاى أم تلاعب ابنتها و أب يخاطب ابنه ، وشباب يضحكون و مراهقات تتابع بعينوهن كل شاب يمرق من أمامهن ثم أجد سريعا شفاههن متمتمة معلقات عليه ، و أحيانا ضحكة تصدر من إحداهن اذا كان الشاب مفتعلا فى لبسه و هيئته. كان هناك سؤال يدور فى ذهنى كلما لمحت عينتاى أحد : هل أنت راض/ راضية بحالك بالعيش هنا ، أم تنتظر فرصة للهروب ؟

عيون تجاوبنى و أخر كثيرات يرفضن ، و يفضلن الاسرار بالإجابة.

ذهبت الى صالة الطعام و أنا فى نفس الحالة ، سؤال يتكرر فى ذهنى و أنتظر الإجابة من العيون . لمحت عاملة النظافة تمر بجوارى ، و أصابنى وابل من الأسئلة حينها، ماذا تشعر به تلك المرأة البسيطة فى وجودها فى هذا المكان ؟، ما هى تطلعاتها ؟، كيف تستطيع أن تعود كل يوم من حيث أتت و تأتى فى النهار الآخر لهذا المكان ثانية ، الذى لا محاله يداعب كل شبر فيه أحلامها ؟ .

لم ألبث طويلا حتى انتفضت من مكانى ، و توجهت نحوها مباشرة ، ويكأنها مسألة حياة .... وكانت بالفعل هكذا . دار هذا الحوار بينى وبينها - اللهم الا ما سهوت من دون قصد :

أنا : سلام عليكم ممكن أأخذ من وقتك خمس دقائق ؟
هى: طبعا يا بيه اتفضل .
أنا : هسألك سؤال بس عايزك تأخذى وقتك فى التفكير و تردى عليا
هى : اتفضل
أنا : لو حد جابلك تأشيرة هجرة لأى دولة برة ، تسافرى ولا لأ ؟
هى : ....... اممم ( تفكير بعمق ، و حدقة العين تتحرك من اليمين للشمال )
بص يا باشا طبعا أنا مطحونة ويدوب عايشة فى البلد دى بالعافية و على قدّى قوى بس دى برده بلدنا اللى فيها أهلى و ناسى اللى بحبهم، مش بالساهل عليّا أسيبها كده و برده مهما كان أنا بحبها مهما قست عليّا .
هى : ... بس لو هروح فى حتة تلات أربع سنين ، يكون فيها المرتب أحسن و عيشة أحسن أكيد هوافق، أنا أم برده يا بيه و محتاجة أعيّش ولادى أحسن .
أنا : لكن هجرة دايمة لأ ؟
هى : هتبقى صعبة أوى يا بيه عليّا
أنا : طب لو جيت قولتلك ، فيه ناس عاوزين يغّيروا فى البلد دى ، و عايزين يخلوا أقل مرتب فيها ١٢٠٠جنيه فى الشهر ، و يضمنوا لعيالك تعليم بجد ، و تأمين صحى فعلا ، هتكونى معاهم ؟
هى : (رددت فى سرعة أذهلتنى حقا ، وبصوت متحمس و عالى ) طبعا يا بيه ، و أعمل اللى هما عايزينه ، البلد دى مليانة خير بس أهلها مش عارفين ، يا بيه دلّنى بس عليهم و مهما حصل أنا معاكم .
أنا : (بعدما غمرتنى إجابتها بالسعادة) إن شاء الله قريب آوى هجيلك و أقولك تعملى ايه ؟، ربنا يكرمك ، سلام عليكم .


اليوم ، نزلت لأشترى بعض الطلبات من البقالة ، أقسم بالله أننى تمسمرت مكانى من هول المفاجأة ، كيلو الطماطم = ٨،٩٥ جنيه !!!!! ، لقد وصل بمصر الحال أننا أصبحنا مثل الأردن و اسرائيل فى أسعار الخضروات والفاكهة ، هبة النيل تتساوى بمن يستورد مياهه بأكملها و لا يملك قطرة واحدة .

بالله عليكم ماذا تنتظرون ، فى نفس المجتمع امرأة بسيطة الحال تعى أن مصر مليئة بالخير و مستعدة أن تفعل أى شئ من أجل أن تعيش فيها معززة مكرّمة ، و أسعار تهلك المجتمع بأسره ، متى سيفيق هذا المجتمع من غفلته ؟، ماذا تنتظرون أن يحدث لتتحركوا ؟؟

دولة بها أعلى نسبة شباب (٤٠ مليون شاب) فى الشرق الأوسط و من الأعلى عالميا ، وهكذا حالنا !!!!!

دولة بها أطول شواطئ فى العالم ، و هكذا حالنا !!!!

دولة يتصل شمالها بجنوبها عبر نهر هو الأطول فى العالم ، وهكذا حالنا !!!!!

دولة بها صحراء (الصحراء الغربية) يقع عليها أكثر أشعة الشمس فى العالم ، و نستطيع أن نولد طاقة تنير أوروبا بأكملها ، وهكذا حالنا !!!!!

دولة كان بها أخصب أراض و تؤكّل العالم كله من خيراتها ، وهكذا حالنا !!!!!

هكذا حالنا !!!!! , لأن الصمت حليفنا ، و الجبن ضميرنا ، و الخنوع سلاحنا.

علمتم لماذا هكذا حالنا ؟؟!!!!!

هناك 3 تعليقات:

  1. دوام الحال من المحال .. وسيزال كل الهم بإذن الله .. فالصبر مفتاح الفرج

    ردحذف
  2. اهنئك ياعبدالله بهذه العودة القوية واهنئ كل قرائك بعودة المتعة اليهم من جديد واود ان اقول لك انك رأيت حالة امرأة بسيطة ترضي بتواضع العيشة مهما تدني الحال ولكني هنا وفي بلدي الصغير رأيت أحد مديرين الادارات يتفاوض كدبلوماسي بارع لخفض ولو جزء صغير من سعر الطماطم هذه ويذكر للبائع كم الالتزامات الملقي علي كاهله ليترفق به وكأنه أمام مسؤل أدركت وقتها أن الرجل أراد أن يصرخ ولم يجد أمامه سوي هذا البائع البائس ليفرغ كل ما به من سخط وغضب فهكذا حالنا طالما نحن صامتون راضون خانعون نبرر ما تفعله الحكومة بنا خوفا عليها في الواقع لا خوفا علي انفسنا فلو نبذتنا الخكمومة يا ويلنا يا ضلام ليلنا كنت اتمني ان اواسي هذا المسكين او حتي اتحدث معه لاخفف عنه ولكني لست بجرأتك فهكذا حالي وهكذا حالك فلو اكتفينا بالمشاهدة لجاء اليوم الذي تباع فيه الطماطم في "لابوار" والفول في "كنتاكي" ولأكل الفقراء أوراق الشجر. أشكرك علي المبادرة التي عرفتنا أن المصريين الحقيقين الباقين علي هذا البلد ليسوا من يعملون في القاعات المكيفة ولا يرتدون البدل السينية ولكن هم المعجنون بالشقاء والرضا والايمان بغد افضل هم الذين يدعون للريس بالشفاء ولحفيده بالرحمة لانه زودهم بعض جنيهات في العيد اللي فات فهكذا حالنا نرضي بالقليل ولا ننكر الجميل. مي صابر

    ردحذف
  3. أعجبتني تلقائتك في محاورة المرأة العاملة... أسلوبك معبر ومنمق لغويا (قليل ما أجد ذلك في المدونات).. وأهم من كل ذلك أهنئك على اهتمامك بقضايا وطنك أخي الكريم.. فوجود أمثالك (وهم كثير والحمد لله) هو ما سيمنع من تفردهم بالبلد إن شاء الله... (هم) من؟ إنت عارف طبعا..!!

    تحياتي. 

    ردحذف