السبت، 24 يوليو 2010

هكذا يريدوننا و هكذا نحن

كنت أقضى أجازة نهاية الأسبوع فى قريتى بالساحل الشمالى ، و تصادف وجود حفلة مطربى المفضل الفنان محمد منير بقرية مجاورة لى ،اصطحبنى الى هناك بعض أصدقائى المنيريين أيضا – المنيرى هو لفظ نطلقه على من يحب الفنان محمد منير و يحفظ أغانيه – و دخلنا الى الحفلة لنرى منظرا مهولا من التجمع البشرى الكثيف جدا جدا . صراحة أنا لست من هواة حضور هذا النوع من الحفلات ، و لكننى ذهبت لأراقب هؤلاء الشباب و الطليعة عن كثب فرأيت من العجاب أشياء و من ما يمقت الكثير.


ناهيك عن دخان الحشيش الذى استقبلنا مرحبا لنا و مسطلا لأكثرنا ، فكان هذا هو أقل نوع من أنواع الخمور تأثيرا و أكثره تواجدا ، ثم انغمسنا فى وسط الزحام و بدأت أصداء الحفلة و ظهر الفنان منير بصحبة الطلقات المضيئة و المفرقعات المبهجة ، فطار الجميع مهللين و منطلقين فى الغناء معه ، بدأت فى الغناء معهم و أراقب تفاعل الشباب و تصرفاتهم من حولى. لاحظت أن معظم من كانوا فى محيطى حاملين فى أيديهم زجاجات خمرة من أفخم و أغلى الأنواع و ليست زجاجات بيرة عادية على الأقل. بعد دقائق قليلة بدأ مَن بجوارى من السكارى فى الترنح و بدأت أنا فى الاستياء و الأسى على حالهم ، - والله لقد انفطر قلبى من ذلك المنظر – شباب كالأسود و لكن عقول كأحلام العصافير . فاجأنى منير بفاصل من الكلام عن التغيير و دعى الشباب لتغيير أنفسهم حتى يواكبوا عصر التغيير و يكونوا على قدر المسئولية، و لكن لم يكن هناك من الفايقيين الكثير ليستمعوا لكلماته. انتهت الحفلة بسلام ، اللهم الا بعض السكارى المتراميين على الرصيف ، مستلقين على ظهورهم لا يقوون على تحريك ساكنا .


انصرفت و أنا أرتب أفكارى و أسدد و أقارن بين هذا التجمع و أى تجمع آخر، سواء كان علمى أو سياسى. فى تلك التجمعات العلمية و السياسية: أولا من حيث العدد ، لا أجد فى أكثر الأحيان عائقا فى أن أحصيهم بعينى . ثانيا يكون متواجد معهم أيا كان عددهم ضعف عددهم مخبرون ، ثالثا إذا أصدر أى واحد فيهم أى تصرف لا يعجب هؤلاء المخبرون - من وجهة نظرهم طبعا- كانت النتيجة الحتمية هى التوجه للبوكس و البقية معروفة و محفوظة. رابعا و ذلك الأهم الاحتياطات الأمنية المبالغ فيها جدا ، كسيارات المفرقعات و المدرعات - والله مش ناقصة غير كاسحة ألغام تدهوس علينا و يخلصوا مننا للأبد - فهم يعاملوننا بنفس ثقافة المحتل فى مواجهة حركات التحرير . (الاسم برضه قريب ، التحرير و التغيير ولا ايه ؟) .


هذا ما أردت أن أوضحه ، إن أعمال التنوير و الإصلاح و نهضة الأمة ، أعمال منافية للأداب و مقلقة بالنسبة للنظام ، أما أعمال السُّكر و التغييب و التشتيت و اللامبالاة ، فهى أعمال عظيمة و جليلة تستحق أن يؤمّنها و يدعمها النظام بكل وسائل الأمان و لا يتدخل فيها و لا ينشر مخبريه حتى لا يُعكر مزاجهم . فهكذا يريدوننا و هكذا نحن !!!.....


عبدالله شلبى

07:58 مساءا

24/7/10

هناك تعليق واحد:

  1. رائعة جدا لكني كنت متوقع مقارنة بين مشاهد من الحلفة و مشاهد مشابه من مظاهرة مع الفارق طبعا.
    حيث أن قوات الكلب المركزي تحمي المتظاهرين و يكمنون في داخلهم قتلهم في حين الامن يحمي السكاري و يكمنون الرفق و الخوف حيث ان الراجل صاحب البيت لة قرايب وصالين

    تحياتي

    ردحذف