الاثنين، 28 فبراير 2011

قولوا بربكم ، ماذا تحيكون لنا ؟

أولا أحب أن أعتذر لقرائى ، عن عدم كتابة أحداث الثورة و الميدان الى الآن ، و أشكركم على رسائل الدعم و شحذ الهمم طوال الفترة السابقة ، و أوعدكم عندما يروق البال و تنصلح الأحوال سأنهمر فى كتابة كل صغيرة و كبيرة حدثت خلال الثورة .

أبدأ مقالى اليوم ، و أنا فى حالة يرثى لها ، أيام من القلق ، ما نتج عنه عدم راحة فى النوم ، وفقدان للشهية ، و افتقاد لمعنى البسمة و طعم الضحكة ، و اشتياق لراحة البال و صفاء الذهن.

تم خلع الرئيس مبارك بعملية ناجحة استغرقت من الزمن ١٨ يوما ، ثم انتقلنا الى مرحلة المجلس الرئاسى العسكرى الذى أبقى على حكومة الفريق شفيق ، فى خطوة أعلن بها تأخير أوامر و أحلام الثوار ، ثم انشغلنا أو شغلونا بالقاء القبض على أفراد من شلة الفساد بتهم غسيل أموال و تربح و أشياء لا تمت لنا و لا بالمصائب التى حدثت فى الثورة من قريب أو بعيد.

إذا بدأنا بمنظور المجلس الرئاسى ، و بقاءه على حكومة شفيق ، سنرى أن المجلس - اعتقاد خاص - كان كامنا فى معسكراته و ثكناته مهتم بأمن الحدود و سلامة الوطن ، و عندما يعودون فى الليل الى بيوتهم يشاهدون و يسمعون كأى مواطن ، قضايا الفساد و البلاوى التى تحدث فى البلاد كل يوم . و لكن عندما وسد الأمر لهم و أصبحوا فى موقع القيادة للبلاد ، وقعوا فى ورطة - غريب عن الدار - لا يعلمون كيف يمكن أن تدار هذه الملفات و كيفية التعامل معها ، فارتموا فى أحضان الفريق شفيق ابن المؤسسة العسكرية و وزير الطيران المدنى لمدة ثمانى سنوات ، و هم صاغرين ، غير عابئين بمطلب الشعب و أمر الثوار الذى تلخص فى أربع كلمات : "الشعب يريد اسقاط النظام " ، رافعين شعارهم الخاص " المجلس يريد ادارة البلاد" .

و اذا انطلقنا الى الفريق شفيق ، بعيدا عن صلة القرابة و النسب التى تربطه بآل مبارك ، فهو واحد من تلامذة مبارك أو كما قال أنه الأخ الأصغر له ، و يبدو أن كل من أدخل الوزارة أو تحمل مسؤلية هامة أو شغل منصب رفيع فى خلال تلك الأعوام ، تم ايقاعه فى المحظور و ارتبط اسمه بفساد برضاه أو رغما عنه - الا ما رحم ربى - حتى يكونوا جميعا سواسية و لا يعاير أحد منهم أخاه بشئ .

و ما يؤكد لى هذا ، ذلك البطء و التباطؤ ، و المماطلة فى القاء القبض أو حتى فتح التحقيق مع الفاسدين . ثم الحرائق التى تندلع - جميعها صدفة - فى مقار هامة تحتوى على أوراق و مستندات تحتوى على معلومات غاية فى الخطورة .

ثم ننطلق الى محور آخر ، و هو عملية ترقيع الدستور ، وبعيدا عن جميع المواد التى تم تعديلها سأتطرق فقط ، لجزئيتين شغلتانى بشدة :
الجزئية الأولى ، و هى تتعلق بمواصفات اختيار الرئيس : جاء نص الدستور الجديد المادة 75، حيث أضيف إليها شرط أن يكون رئيس الجمهورية مصرى الجنسية وألا يكون حاملا جنسية أجنبية من قبل ، و فى التوضيح لتلك المادة جاء النص أن على المترشح و زوجته و والديه ألا يكونوا حاملين لأى جنسية أجنبية من قبل . و أتساءل هنا ، كيف لنظام بات ستون عاما جل مهمته هو اقصاء العلماء و المفكرين و النابغين الى الخارج ، ثم يأتى الآن لنا دستور يحرم كل هؤلاء من أن يفيدوا بلدهم بخبراتهم و علمهم ؟؟؟ ، أنا معك أن الرئيس يجب ألا يحمل جنسية أخرى ، و لكن لا تحرمنى أنت من حق التنازل عن الجنسية الأجنبية ، ان الله يقبل التوبة ، و أنا لم آخذ تلك الجنسية الا لأعيش كريما فى الخارج بعد أن حرمتنى أنت من العيش مكرما فى بلادى . ثم هل أعاقب على جنسية والداى ؟؟؟ ، و ماذا اذا كنت متزوجا بمصرية و أخرى أجنبية ؟؟؟

تعنتات كثيرة و غير مفهومة ، و أظنها موضوعة لاقصاء أناس بأسمائهم خوفا من ترشحهم فى الانتخابات .

الجزئية الثانية ، و هى طريقة الانتخاب فى مجلسى الشعب و الشورى ، هل ستتركونا مجددا نرشح ٥٠ ٪ عمال و فلاحين و ٥٠ ٪ فئات ، هل ستتركونا مجددا للعصبيات و القبلية التى لن تصنع الديموقراطية مهما طال الزمان ؟؟؟

ثم أعود آخيرا للمجلس العسكرى ، الذى يود أن يثبت لنا حسن نواياه بسحق مجهودات الثورة و تضييع دماء الشهداء ، ماذا بربكم تعتقدون عندما تدخلونا فى سباق مع الزمن لنجرى الانتخابات البرلمانية و الرئاسية فى خلال ٦ أشهر من الآن ؟؟
اذا كانت قد أرهقتكم المسؤلية و اعتلاكم الهم من كثرة ما شاهدتموه و لمستموه من فساد ، ما لكم لا تتقبلون فكرة المجلس الرئاسى حتى يعينكم قادرون على مواصلة المسيرة و نقل البلاد من الحضيض الذى نعيش فيه ؟

اذا تم هذا ما تدعون اليه فى تلك المدة الهوجاء ، سيعود بنا الزمان الى ما قبل ٢٥ يناير ، و سنجد الاخوان و الوطنى يتصارعون على المقاعد ، و سنجد البلطجية يسيطرون على ادارة العملية الانتخابية بكل تألق، و سيفوز فى النهاية صاحب القوة و النفوذ.

أما أنا أقسم لكم أننى سأواصل - و إن كنت وحدى - مهما طال الزمان ما بدأناه و ما بُذل لأجله دماء طاهرة ، حتى نستعيد مصرنا و نطهرها ، ونقطع بأمر الله دابر المفسدين .

عبدالله شلبى
القاهرة
٢٨ فبراير ٢٠١١

هناك تعليقان (2):