الأحد، 4 نوفمبر 2012

قصاقيص متناثرة

بأصابع صدأة أعود لكي أكتب من جديد، و بأفكار طال حبسها فاختمرت حتى باتت تسكرنى أعود لكى أكتب من جديد، و دوامة الدنيا التى لا تتوقف و تظل مستحوذة عليك مهما كنت عنيد. سأكتب لك الآن عن قصاقيص متناثرة و ما هى الا أفكار مبعثرة، مواضيع معنونة، و لكن غير مفسرة، من الممكن أن تعتبرها كحدوتة ليل، و لكن هل ستعجبك؟؟؟ سنرى .....

أنا الذى ..... صرت الذى
أنا الذى آمنت يوما فى هذا الشعب و استسلمت أن سبب فشله و هوانه هو قياداته الباطشة الظالمة، أنا الذى قررت يوما أن أدخل الى عش الدبابير غير مكترثا كثيرا على سلامتى، أنا الذى اعتقدت يوما أن داخلنا طاهر و لكن من كثرة الظلم لا نستطيع أن نظهر الا الوجه الفاجر، أنا الذى مات فى حضنه شاب كان كل حلمه فقط أن يعيش. و بعد أن انتهى المهرجان و انفضت الهوجة و سرق الشيخ الفرحة من عيون الشباب، كفرت.... صرت كافرا بهذا الشعب بعد أن ارتأيت أن ما داخله خارجه، و أن هذا الإناء لم يكن ينضح الا بما فيه، بل بالعكس كان ملجما بعض الشئ، و لكن الآن أصبح كالقيح المتفجر كلما وسعت له الفتحة كلما فار الصديد خارجا....


الشارع لا يصلح للتشريع
أنثروبولوجيا أو علم الانسان..... هجرت الكتب السياسية بعد صدمتى مما وصلنا اليه. لأحاول أن أجمع أشتاتى و أنا أبحث لماذا حدث هكذا؟ و لأحاول أن أفهم و أتفهم طبيعة و تركيبة الانسان المصرى الغريب المريب "بالنسبة لى". لا أحد يستطيع أن ينكر حالة الانفلات الأخلاقى الذى أصبحنا نعانى منها بشكل مفرط، و كأن الغوغائية و البلطجة يجريان فى عروق المصرى مجرى الدم!!، أصبح بيتيِّ شعر هشام الجخ خير ما يصفان حالنا الآن فقد قال عنا "شعب غرقان فى النطاعة.... كل شئ بقى ريحته نطاعة"، و أتوقع أن على ساقية الصاوى أن تسمي تلك الأعوام التى نمر بها "أعوام الاستنطاع". فتجد مثلا ظاهرة "سايس العربيات" منتشرة تعيد على أذهاننا "عصر الحرافيش" و عادت شوارع العاصمة الى قانون الحارات، فعلى كل من يقود سيارة أن يدفع "إتاوة" ليصف سيارته في مكان هو يمتلكه!!. و ظاهرة "نصبة الشاى" التى باتت منتشرة عند كل ناصية و كل فتحة دوران للخلف، و كأنهم يبيعون "مياه المحاياة"، و  كل شغلتهم الأساسية فى الأصل هى نشر الفيروسات بعنف و توسيخ المكان الذى يجلسون فيه. ناهيك عن الأكثر شراسة و هم محتلو الكبارى و كورنيش النيل، فكل واحد منهم رزقه الله بخمسة أو عشرة كراسى بلاستيكية و "بابور شاى" أو "حمص الشام"، و لا يحق لك أن تقف فى سلام أو تسبح فى خيالك في هدوء، فعليك أولا أن تدفع "مرغما و صاغرا" و تبتاع منه أى شئ و الا "شوفلك حتة تانية اقف فيها ده مكان أكل عيش". هذا غير العطلات الرسمية التى تحولت الى أيام رسمية للتحرش الجماعى بكل خسة و دناوة، و يعلق صديقى الكاتب الجميل حمور زيادة على هذا الخلل و يقول "من عجائب الأمور أن الرجل الذي تستفزه أنثى ترتدي زي خليع فلا يستطيع ان يتحكم في نفسه ويتحرش بها، نفس هذا الرجل ستستفزه نفس الأنثى بنفس الزي الخليع لكنه يستطيع أن يتحكم في نفسه لو كانت تمشي مع رجل ضخم الجثة منتفخ العضلات!! سبحان الله". و سائقى الميكروباصات و الاتوبيسات الخاصة الذين يشعرون أن الشوارع ملكا لهم فكل مكان يصلح أن يكون موقفا، و كل الاتجاهات مسموح لهم أن يسيروا فيها، و اذا اعترضت يكون رد السائق: "ما تنجز يا برنس ورانا أشغال!!"، و المضحك المبكى هو هذا المشهد عندما ترى كل الجالسين بجوار نافذة فى هذا الأوتوبيس المخالف خارجين من النوافذ مرددين نفس جملة السائق فى أداء كورالى رائع  في غاية النشاز. و بالتأكيد أنصحك اذا قابلت رجلا من رجال الشرطة صدفة فى الطريق، اذهب على الفور و خذ لك صورة بجانبه لأنهم أصبحوا و لله الحمد كدبابات الجيش ينزلون الى الشارع ليس لتأمينه بل ليلتقط المارة و المواطنون "الشرفاء" الصور معهم.
هذا هو الشارع، و هو الوحيد المنوط بتشريع دستوره، فكل ما يحدث الآن فى اللجنة التأسيسية للدستور لا يعبر عن الشارع فى شئ. ففى لجنة الدستور يتقاتلون على وضع كلمة "مبادئ" فبل كلمة الشريعة أم حذفها، و الشارع يتقاتل على "بروتين" السبكى فى دور العرض و السينمات فهو الوحيد الذى أدخل تجارة اللحم الى السينما دون أي اعتراض من جهاز حماية المستهلك أو الحجر الصحى. فإذا آتينا بالشارع الحقيقى و تركنا له حق التشريع، ستكون المادة الأولى "النطاعة كنز لا يفنى"، و المادة الثانية "كل مواطن له الحق فى أخذ راتب شهرى ليعيش به كملك دون أى واجبات عليه" و المادة الثالثة "كل النساء عاهرات و لى كمواطن حق التحرش بهن الا أمى و أختى و زوجتى فهن الوحيدات المحترمات".....الخ
اذا أردنا حقا أن نكتب دستورا يعبر فيه الشارع عن شريعته بحق، فمن الأولى أن نبدأ بتربية الشارع، فكل ما نحتاج اليه الأن هو فقط اعلان دستورى مؤقت يحدد لنا فقط بعض صلاحيات الرئيس و علاقة السلطات ببعضها البعض.
ما نحن فى أمس الحاجة اليه الآن هو "الحلم"، يجب أن نخلق الحلم لأن على قدر سمو أهدافنا سترتقى أخلاقنا و معاملاتنا، فالحلم هو الذى حول ماليزيا من حقل لدولة رائعة، و هو الذى حول الهند من الفقر لرابع أقوى دول العالم فى الرعاية الصحية و أولى دول العالم فى انتاج البرمجيات و هو الذي حول اندونيسيا من دولة قبائل متناحرة الى دولة صناعية رائدة و هو الذى جعل فيها نسبة الأمية أقل من 4%!!!
الله .. الحلم .. الوطن




قبضة الأزهر
أصبحت خطبة الجمعة هم ثقيل على قلبى كل أسبوع، فمضطر أن أجلس لأستمع لدروس عفي عليها الزمن و مللتها من كثرة ما سمعتها، و كأن هذا الدين كله كتابان "جيب" صغيران. و حتى يصبح الدور محبوكا يبدأ الخطيب فى الصراخ فينا و تهديدنا و وعيدنا بأن النار حق و أننا جميعا مدركيها لأننا أصلا "منستهلش نخش الجنة" و يحثنا على مراجعة أنفسنا و أننا "شووووووف عملت اييييييه، شوووووووف أكيد انت عارف أحسن مني"!!!. فبدأت أتساءل لماذا يتركنا الأزهر هكذا، لماذا لا تكون هنا لجنة مسؤولة عن خطبة الجمعة و يكون فيها عدد من الشيوخ العلماء فعلا و بحق، و يكون كل شيخ مسؤول عن حى أو منطقة، و يكون عليه ارسال خطبة الجمعة للعدد المسؤول عنه من المساجد، و تكون وظيفة خطيب المسجد فقط هى القراءة من الورق دون تزويد شئ أو انتقاص شئ، هذا سيفيد في خلق حراك فكرى حول موضوع الخطبة بين أهالي كل منطقة، و أظن أن هذا سيكون علاجا فعالا لهذه السطحية المفروضة علينا كل جمعة!!

ديموقراطية الكنيسة
لم أرى عرسا ديمقراطيا بحق كهذا العرس الرائع الذى شاهدناه جميعا فى اختيار بطريرك الكنيسة الأرثوذوكسية الجديد، عدد محدود من العلماء له حق الانتخاب، ليصعد الثلاثة الحاصلين على أعلى الأصوات للهيكلة النهائية، فيتقدم طفل صغير لم يتعد الأربع سنوات ليسحب ورقة عليها اسم واحد، مستبشرين جميعا أن ذلك كان اختيار الله.
ما المانع أن يتم تطبيق تلك التجربة في عملية اختيار القادة في جميع المراكز، ما المعنى أن يشارك فى تحديد مصير البلاد و العباد من يجهل أصلا كيفية تحديد مصيره أو تغييره؟!! ما المنطق أن يتساوى صوت واحد عكف على الدراسة و الاجتهاد مع واحد كل بطولته أن معه بطاقة رقم قومي!!
قل هل يستوى الذين يعلمون و الذين لا يعلمون انما يتذكر أولو الألباب "الزمر:9"

الرئيس الاستبن
لم يستطع الرئيس المنتخب محمد مرسى أن يرتق و ينسينا بأفعاله -و ليس بخطبه الحنجورية- أنه كان -و ما زال- دوبليرا أو استبنا أو بديلا عن خيرت الشاطر، فهو رجل طيب و عفوي يمكن أن نقبله كوزيرا للمرافق أو نائب مجلس شعب و لكن كواجهة للشعب و ممثلا عنه في المحافل الدولية، فهو للأسف "فضيحة" و ليس له "حضور" على الاطلاق، أو كما يقول عليه أحد أحبائي "ما شاء الله الراجل ده لو انصراف عالي أوي"!!.
كانت مثلا من قرارات حكومة القنديل في عهد المرسى  اغلاق المحلات في العاشرة مساءا، هذا قرار جميل و أنا من المؤيدين له جدا، و لكن فى فرنسا و ليس هنا. فأنت يا سيدى اذا كنت استعنت بأحد خبراء العلوم النفسية و الاجتماعية، أتوقع أنهم كانوا سيقولون لك أن مواعيد غلق المحلات تأتى كرد فعل و ليس فعل. بمعني أننى اذا أردت أن أغلق المحلات حتى في الثامنة مساءا، فكل ما على فعله هو تبدير مواعيد العمل في البلاد فتصبح من الساعة السادسة صباحا علي سبيل المثال، حينها سيضطر المواطنون أن يقبعوا في منازلهم من الساعة التاسعة حتي يستطيعوا أن يأتوا في مواعيدهم، و حينها سنجد أن المحلات تغلق بطريقة ردة فعلية لعدم وجود زبائن!!.
لن أتحدث كثيرا عن سوء ادارة البلاد حاليا و لا قدرة الرئيس الفذة الأسطورية فى الصلاة كل جمعة فى مكان ما مصطحبا معه جيشه الجرار، فسيناء خير شاهد و دليل على ذلك، و أخشي أن يأتى يوما نبكي عليها كالنساء لأننا لم نستطع أن نحافظ عليها كالرجال...



عبد الله شلبى
٤ /١١ /٢٠١١ 
١٠:١٦ مساءا



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق