و تحدثنا عن البرادعى و لمّه لشمل المعارضة فى جبهة واحدة ، و بيان التغيير الذى يظنه بعض المصريين أنه لا قيمة له و البعض الآخر أصاب بحالة ذعر عندما اكتشف أنه سيكتب اسمه بالكامل و رقم بطاقته .
لكن كان يحدث شيئا غريبا فى المقهى يومها ، كان يستأذن (كل دقيقتين تقريبا) واحدا أو اثنين للجلوس معنا ، حتى أصبح كل الجالسون فى المقهى يومها فى دائرة كبيرة باتساع المقهى بأكمله ( كنا نزيد عن ال ٤٠ شخص ) . اللهم الا رجل عجوز يرتدى زيا صعيديا بقى جالسا وحيدا.
انقسم كالعادة الجالسون كلهم بين مؤيد و معارض لفكرة الإمضاء على البيان و حول البرادعى بشخصه ، ولكنهم جميعا اتفقوا على شيئين كادا أن يتسببا فى رفع ضغطى :
أولا : عدم الإمضاء على بيان التغيير ، خشية رد فعل الأمن !!!! ( وكأنهم يوثقونه فى الشهر العقارى و ليس فقط على الموقع)
ثانيا : أنهم جميعا مع فكرة التغيير و أن لا مفر منه ، و لكنهم (و أسفاه) ليس مستعدون لعمل أى شئ غير التأييد بالقلب ، و مبررهم الوحيد (احنا ٨٠ مليون مجتش عليا أنا !! ) و لا يعلمون أن ال ٨٠ مليون كلهم يقولون نفس الكلمة.
هممت فى الانصراف ، بعد أن حاولت أن أشرح لهم أن مستحيل أن تؤخذ الحقوق بغير سعى ورائها ، و أننا جميعا مشتركون فيما يحدث لنا و ليس لنا حتى الحق فى الشكوى ، الا إذا فقنا من غفلتنا و قمنا مطالبين لحقوقنا و مستقبل أولادنا و بلادنا.
و أنا فى طريقى نحو الباب ، سمعت صوتا ينادى من خلفى " يا ولدى ، يا ولدى " ، فالتفت فإذا بالرجل الصعيدى العجوز يشير الى أن أذهب اليه . و بالفعل ذهبت اليه و قلت " اؤمر يا جدى" ،
(سأكتب كلام الرجل العجوز كما قاله لى بلهجته بالضبط )
فتبسم و قال " تسمحلى أتحدد معاك اشوية "
فقلت له و أنا أجلس " ده شرف كبير ليا"
فقال بعد أن أخذ نفسا عميقا " لسّانا يا ولدى فراعين ، معانا موسى بس برضك خايفين ، و مش هتجوم لنا جومة غير لما نبجى مُسلمين ، مُسلمين يا ولدى بحق ، مُسلمين مِسلمين أمرنا لله من قبل و من بعد ، ساعتها بس يا ولدى هتلاجى شعب غير الشعب، و حقنا هيرجع لينا بإيدينا مش رايحين نشحته من الغرب . والغرب مالهم و مالنا ، ما همّا فرحانين اكّده بحالنا ، طول ما انت محتاج لهم فى الآكلة و الهدمة همّا جاعدين فى نعيم ، هو احنا بقينا نصنع فى بلادنا غير شوية حريم !!! ، أيوة حريم يا ولدى متستغربش من أكبرنا لأصغرنا بقينا كلنا حريم ، المهم عندنا ناكل و نلبس و نربى عيالنا ، لكن رجالتنا يا إما ماتوا يا إما مسجونين ، مش برضيك الحرمة عندكم عليها انها تسمع الكلام و متعارضش ، طب لما شعب و حكومة كلهم ينفذوا الكلام و ميقدروش حتى يعارضوا ، ويمشوا من الخوف مداريين و وشهم فى الأرض ، مش اكّده برضيك صفات الحريم ؟!! ، و كل حرمة إهنه تخاف من الحرمة الأكبر منّيها ، لكن فى الأخر كله بيسمع كلام الرجّال اللى ماسكين زمام الأمور فى العالم كلاته (كله) . مش برضوا بيجولوا مصر أم الدنيا ؟!! تبجى حرمة و لا لأ يا ولدى ؟؟؟؟!!!!!
نصيحة يا ولدى و انت ماشى فى الطريج الوعر دِه ، أول متلاقى راجل صُح اكّده زيك تمام ، حط يدك فى يده عشان تبجوا أجوى و صوتكم أعلى ، و أوعاك فى يوم تخاف من مخلوق ، طول ما انت ماشى في سكة الحق ، عشان الحق لوحده اللى قادر على كل الخلق "......
فانصرفت بعدما احتضننى بشدة ، و رفض أن يتركنى أقبّل يداه ....